من فرنسا إلى بريطانيا، ومن ألمانيا إلى سويسرا.. يتواصل الجدل بشأن النقاب، ففي حين اختارت بعض الحكومات حظره في الأماكن العامة باعتباره رمزا دينيا، تبحث حكومات أخرى كيفية التعاطي معه بطرق تحد من انتشاره في أوساط الجاليات المسلمة، دون أن يتصادم ذلك مع مبادئ حقوق الإنسان التي تكفل للفرد حرية الملبس والمعتقد. فتحت هيئة الإذاعة البريطانية «بي. بي. سي » على قناتها الناطقة بالإنجليزية حوارا مع مجموعة من المسلمات المنقبات، بغرض التعرف على أسباب تمسكهن بهذا الزي، على الرغم من الدعوات التي تأتيهم بإمكانية التخلي عنه، كضرورة يفرضها الوضع الأوروبي الحالي. وسأل برنامج «نيوز نايت» المسلمات البريطانيات، سؤالا واحدا هو: لماذا النقاب؟. فقالت رميساء: «ارتديت النقاب لأنني أعتبره عبادة، وأشعر بأنه يساعدني ويصونني ويحفظني، كما أنه يمدني بالقوة، وعندما أتحدث أشعر بأنني لدي رؤية وصوت، لدي شخصيتي المستقلة، ولهذا يحكم الناس علي عن طريق جوهري لا مظهري»، بينما قالت سارة، زميلة رميساء: «أنظر إلى النقاب كأحد أشكال التحرر، لأنه يقول: «احكموا علي فيما أكون وليس ما أبدو عليه». وعن الفارق بينها وبين أمها التي لم تكن ترتدي النقاب، قالت رميساء: «لقد قدم آباؤنا إلى هنا، وكان جل هدفهم هو توفير أفضل سبل العيش لأطفالهم، ومنحهم حياة أفضل، أما نحن فقد ولدنا وترعرعنا هنا، وأصبح هدفهم وهدفنا هو كيفية الانسجام مع المجتمع، ونحن نرى أننا سنستمر، فقد ولدنا هنا ونحن جزء من هذا المجتمع، وأنا أرى نفسي بريطانية». وتساءلت رميساء: «هل تعزل المنتقبات أنفسهن أم أن المجتمع هو من يقصيهن؟»، مضيفة: «أؤمن تماما بأهمية اندماجي في المجتمع البريطاني، وأنا مستعدة للاندماج مع الناس إذا منحونا هذه الفرصة، فأنا أذهب إلى العمل وهؤلاء الذين أعمل معهم معظمهم من غير المسلمين، ونحن على علاقة طيبة ببعضنا البعض». أما «هولا» التي ترتدي الحجاب حاليا بعدما ارتدت النقاب فترة، فأوضحت أن أحد الأسباب في اختيارها هو التأثر بالعلماء القادمين من العالم العربي، قائلة: «وهكذا بدأت أشعر بالذنب وغطيت وجهي ويدي وقدمي». وأضافت هولا: «إن الوضع برمته متأجج للغاية في أوروبا حاليا، ولا يوجد سوى عدم الاحترام للإسلام والمسلمين، وخاصة المسلمات، ولا يهم محاولاتك الجاهدة في أن تكون ودودا في كل شيء، بعد أن أصدر الناس حكمهم بشأنك.. أنك مختلفة». وفي مقابل تنامي ظاهرة العداء للنقاب، رصدت صحيفة «هيرالد تريبيون» وجود اتجاه قوي لدى الشركات الغربية للاهتمام بالمسلمين، وخاصة المسلمات، كمستهلكين، حيث تنبهت هذه الشركات إلى قوة أسواق المسلمين بالنسبة إلى أعمالها. وكشفت الصحيفة عن أول إعلان من نوعه، حيث توجهت شركة «يونيليفر» إلى السيدات المحجبات لتعلن بداية غزو جديد للأسواق الاستهلاكية في العالم الإسلامي. وطرحت شركة يونيليفر نوعا من الشامبو خاصا بالسيدات اللاتي يعانين من الشعر الدهني بسبب غطاء الرأس، سواء كان حجابا أو قبعة بيسبول، وذلك بعدما أظهرت بحوث ميدانية للشركة شكوى كثير من السيدات المحجبات من ذلك. وجاء الإعلان التليفزيوني مخاطبا المستهلكات المسلمات، وظهرت فيه فتاة محجبة، وتزعم شركة كولجيت، بالموليف، على سبيل المثال أنها كانت أول شركة عالمية تحصل على شهادة موثقة من ماليزيا بأن منتجاتها من معجون الأسنان حلال، حيث تحتوي بعض الأنواع على كحول ومنتجات الشركة عليها الآن لوجو حلال، والذي يظهر من إعلاناتها التليفزيونية .