الحرم المكي، على اتساعه، يضيق هذه الأيام بجموع المصلين والمتعبدين والمعتكفين، فيما تتبدد كل الأصوات أمام تلاوة القرآن من جانب أئمة البيت العتيق والتي تتخللها حمحمات ونشيج نفوس خاشعة تجهش بالبكاء وتؤمن على الدعاء. وذكر عدد من المتعبدين حرصهم على التواجد في هذه اللحظات المباركة من الشهر الفضيل في المسجد الحرام، طمعا في الغفران والرحمة والرضوان من الله عز وجل. وقال المعتمر أبو بناجي إنه قدم من سريلانكا منذ غرة شهر الصوم ولا يزال ملازما للمسجد الحرام يقضي جل أوقاته في تلاوة القرآن الكريم وفي الطواف، حتى أنه أدى ثلاث عمرات: واحدة لنفسه، والأخريان لوالديه المتوفيين، فيما ذكر المعتمر عتيق رحمان أنه يفضل قضاء معظم أوقاته داخل الحرم، مضيفا أنه لا يخرج إلا لقضاء حاجاته الضرورية، كما أنه يمني نفسه بمصادفة ليلة القدر العظيمة حتى يغفر الله له ما تقدم من ذنوبه وينجيه من أهوال الحشر. أما المعتمر أحمد إدريس فيرى أن أيام الشهور كلها خير وبركة إلا أن شهر رمضان خصه الله وفضله بليلة خير من ألف شهر وهي ليلة القدر، راجيا المولى أن يكرمه بها، وأن يحط عنه ذنوبه بمغفرة منه ورضوان. وقال إدريس إن الأجواء التي تختزنها جنبات المسجد الحرام تشع بالحميمية والألفة والرحمة بين المسلمين، كما أن الكل يحرص على التزود بالعبادات والطاعات، فيما تناجي الألسن والأكف ربها وتتوجه إلى السماء طلبا للمغفرة والرحمة.