أدى قاصدو بيت الله الحرام الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك بكل يسر واطمئنان، إذ واصلت كافة القطاعات الحكومية والأهلية بمكة المكرمة تنفيذ خططها التشغيلية التي أعدتها لشهر رمضان المبارك لخدمة الزوار والمعتمرين. أدى جموع الزوار والمعتمرين صلاة الجمعة بالمسجد الحرام، حيث شهد الحرم المكي الشريف كثافة من المصلين وامتلأت أروقته وأدواره بهم، حتى امتدت صفوف المصلين إلى ساحات المسجد التي هيئت لأداء الصلاة بها. وحرصت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام على مضاعفة جهودها لتقديم الخدمات لرواد بيت الله العتيق، والقيام بجولات ميدانية لمتابعة تنفيذ الخطة التي أعدتها، والحرص على بث السكينة وتوفير المناخ التعبدي داخل المسجد الحرام وساحاته، وتوعية الزوار والمعتمرين بالحكمة والموعظة الحسنة، وتوفير ماء زمزم داخل المسجد الحرام وساحاته وجميع أدواره، وتكثيف أعمال النظافة والصيانة، ومراقبة عمليتي الطواف والسعي وتنظيمهما وتهيئة الساحات لأداء الصلاة بها وتزويدها بكل ما تحتاج إليه. وفي خطبته، أثنى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس بما يوليه ولاة الأمر في هذه البلاد المباركة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده والنائب الثاني من اهتمام ورعاية للمعتمرين والزوار وقاصدي الحرمين الشريفين. وقال السديس في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام «إن من فضل الله تعالى ما أنعم به على الصائمين والمعتمرين والزائرين في رحاب هذا البلد الحرام من أمن وأمان وراحة واطمئنان وخدمات جليلة؛ ذلك بفضل الله ثم ما يوليه المؤتمنون على خدمة الحرمين الشريفين وفقهم الله وأيدهم». ونوه فضيلته بالقرارات التاريخية والمكرمات الإسلامية والإنسانية لخادم الحرمين الشريفين وشهدها هذا الشهر الكريم، والتي تستحق التنويه والإشادة، ويأتي في طليعتها قرار تنظيم الفتوى التاريخي وما تضمنه من مقاصد عظمى ومصالح كبرى تهدف إلى إعزاز هذا الدين وحماية الشريعة وحفظ هيبة أهل العلم ومكانتهم، وحملة الإغاثة «الرسمية والشعبية» للمتضررين من الكوارث والفيضانات في باكستان، وسأل الله العلي القدير أن يجعل ذلك في موازين حسناته. وتحدث السديس عن العشر الأواخر من رمضان، فقال: «في هذه العشر الأواخر اختصكم الباري بليلة عظيمة الشرف والقدر مباركة الشأن والذكر بالخير والرحمة.. إنها ليلة القدر يقول صلى الله عليه وسلم «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، فليلة القدر خير لو ظفرت بها من ألف شهر وأجر ما له مثيل، أما عن وقتها فقد قال صلى الله عليه وسلم «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان» وما أخفاها سبحانه إلا شحذا للعزائم في الطاعات وبعثا للهمم في القربات والعبادات، عن عائشة، رضي الله عنها، قالت قلت يا رسول الله أريت إن علمت أن ليلة هي ليلة القدر ما أقول فيها قال صلى الله عليه وسلم قولي «اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفو عني»، فجدوا في طلبها وتحريها وشمروا للظفر بفضائلها ومراميها واستبقوا دقائقها وثوانيها، وليكن لكم فيها من أنسكم بالله هاد لا يضل، ومن تنافسكم وجدكم في الطاعات حاد لا يمل». وفي المدينةالمنورة أوضح إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ أن المسلمين يعيشون في هذه الأيام شهرا عظيما وموسما كريما فلله الحمد والمنة. وقال إن هذا الشهر الكريم قد أزف على الرحيل ولم يبق فيه إلا القليل، فمن المسلمين من أحسن فيه، فعليه بالتمام، ومن كان قد فرط فيه فليختمه بالحسنى، ليودع هذا الشهر بالتقرب من الملك العلام، فمن أعظم الخسران التفريط في أيام هذا الشهر ولياليه، فقد جاء في حديث صححه أهل العلم لشواهده الكثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال: «آمين آمين آمين» قيل يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين فقال: «إن جبريل أتاني فقال من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين، ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين، ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين». ودعا إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين إلى تحري ليلة القدر فيما بقي من ليالي العشر، مبينا أنه ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان لمناجاة ربه وذكره ودعائه، وقال إن الاعتكاف يعني التخلي لمناجاة الرب سبحانه وتعالى، حاثا المعتكف على حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وأن يقطع عن نفسه كل شاغل، وأن يعكف بقلبه وقالبه على ما يقربه من الله عز شأنه، قال داود الطائي الزاهد العابد الفقيه «همك عطل علي الهموم وشوقي إلى النظر إليك أوبق مني اللذات وحال بيني وبين الشهوات» .