فضل الأستاذ المساعد في جامعة القصيم والمشرف العام على المستودع الخيري جنوب بريدة وإمام وخطيب جامع الشيخ محمد بن عبدالوهاب الشيخ الدكتور صالح بن محمد الونيان أن تتحول الأموال التي توجه لمساعدة الفقراء على قضاء حوائجهم إلى أعمال تؤهل هؤلاء الفقراء لتكون لديهم أعمال دائمة تعود عليهم بدخول دائمة تقيهم حاجة السؤال. وأشار الونيان في حوار مع «شمس» إلى أن تقليل عدد مخيمات التفطير المجاني في رمضان ببريدة يرجع لعدم تحقيق هذه المخيمات الهدف منها وهو تثقيف العمالة الوافدة دينيا، مضيفا أن بعضهم كان يتلقى الوعظ من أبناء بلده دون أن يعرف القائمون على هذه المخيمات؛ ماذا قيل وما الفائدة منه؟ كما تحدث الونيان عن عدد من القضايا الأخرى التي تخص الشباب ومنها التعصب الرياضي وبعض الممارسات الخاطئة، فإلى نص الحوار: يلاحظ على خطبكم متابعة المستجدات اليومية وقضايا الشباب.. كيف تتعرف على هذه القضايا؟ لا شك أن خطبة الجمعة مسؤولية وهي أيضا رسالة موجهة إلى فئات المجتمع، ولذلك في ظل الانفتاح العالمي الذي أصبح فيه العالم كقرية واحدة من خلال الإعلام لا بد من الاطلاع على المستجدات، والشباب بفطرتهم النقية يأتون للسؤال عن أشياء هم يجدون ريبة في أنفسهم منها، وبالتالي يتم الحديث عنها إن كان هناك مخالفة وتحذير الآخرين منها، إضافة إلى أن الخطيب يجب أن يتلمس ما في المجتمع من حاجات أو أمراض معنوية أو غير ذلك، لذلك لا بد أن يكون الخطيب على اطلاع دائم بمستجدات العصر عبر المنتديات وغيرها من خلال الشبكة العنكبوتية حتى تؤتي الخطبة ثمارها. تعد من رواد العمل الخيري بالقصيم.. حدثنا عن تجربتكم في هذا الشأن؟ بفضل من الله التجربة كانت بسيطة؛ حيث كانت في يوم من الأيام نبتة صغيرة جدا نمت وترعرعت بفضل الله. ومن وجهة نظري العمل الخيري لا بد أن يكون محدد الأهداف يسعى القائمون عليه لتحقيقها، ويجب أن يكون في محضن أمين يتسم بالوضوح والشفافية، وإذا اتسم العمل الخيري بكل هذا فسوف يشق طريقه بإذن الله نحو الريادة، إضافة إلى أن العمل الخيري عموما بحاجة إلى التطوير والابتكار والتخصص والابتعاد عن التقليد. يلاحظ وجود أكثر من جمعية خيرية ببريدة ومع ذلك الفقر لا يزال موجودا في المدينة.. لماذا؟ لا شك أن الفقر لا يولد إلا فقرا وما يفعل الآن في غالب الجمعيات الخيرية لا يعدو أن يكون مسكنات وقتية، فالجمعية تعطي الفقير ملابس فيلبس وتعطيه طعاما فيأكل، بينما الأفضل تأهيل الفقير لمهنة شريفة ينفق من خلالها على أهله وبذلك نكون قد علمناه كيف يصطاد السمكة بدلا أن نعطيه إياها. والحقيقة أن هذه المسكنات جعلت الكثير من الفقراء يأنفون من العمل مما سبب الكثير من البطالة؛ لذلك أرى إقامة دورات لأبناء وبنات الأسر لتأهيلهم لعمل شريف وتعميم فكرة الأسر المنتجة، وإنشاء معاهد للتدريب على الحرف اليدوية وتوسيع دائرة الإنتاج وتنوع المهن وتدريب من لا يجيدون شيئا منها، ثم إعطاء أبناء الأسر دورات في التسويق وإنشاء مراكز تسويق لمنتجاتهم. انتشرت في الآونة الأخيرة فتاوى غريبة من أناس غير متخصصين ما رأيك في هذا؟ هذه حسمها وازع السلطان بقرار خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، والذي حسم كل التخبط الموجود في الفتاوى الشاذة. ما دوركم تجاه التعصب الجماهيري الصارخ في بريدة بين أنصار ناديي الرائد والتعاون؟ التعصب الجماهيري ظاهرة غير صحية وزرع للعداوة وتكريس للبغضاء حتى بين الأشقاء في البيت الواحد، وأهيب بالأندية عبر رابطة الجماهير والشؤون الثقافية بالنادي إقامة دورات تثقيفية للجماهير، ولتعلم الجماهير في جميع أنحاء المملكة أنهم أبناء بلد واحد وقبل ذلك إخوة متحابون لننزع بذلك التعصب البغيض، كما أن الأندية مكتوب على لوحاتها رياضي، ثقافي، اجتماعي.. فالتعصب ثقافة عند البعض يجب القضاء عليها. رأى البعض في حضوركم لمسابقة القرآن الكريم بنادي الرائد أنه عشق قديم للرائد؟ بصراحة لا أهوى من الرياضة سوى المشي، لكن بالنسبة إلى حضوري لنادي الرائد فلا علاقة له بميول؛ فأنا أقف من جميع الأندية على مسافة واحدة، ولذلك أي ناد يقيم مشروعا لتحفيظ القرآن أو أي مشروع خيري نافع أو محاضرة أو ندوة واجب علينا أن نشجعه وندعمه ونأخذ بأيدي القائمين عليه. ثم إن القائمين على الأندية والجماهير هم أبناؤنا وما فعلوا ذلك إلا لتأصيل حب الخير في نفوسهم. انتشرت ظاهرتا التفحيط والتطعيس بين الشباب.. هل تؤيد منعهم من ذلك أم تفضل إنشاء نواد خاصة بمثل هذه الهوايات؟ هاتان الظاهرتان ولدهما الفراغ، وبالتالي لا بد من القضاء على أسبابه بأعمال اجتماعية وخيرية، فالشاب لن يجد عنده وقت لممارسة هذه العادة، الأمر الآخر أن أضرار هذه الهوايات لا تخفى على كل عاقل سواء بإهدارها للكثير من الوقت أو باستنزافها للكثير من الأرواح وتسببها بالإعاقات المستديمة وإتلافها للأموال والسيارات، وحياة الشاب أو المفحط غالية لا يجوز له أن يعرضها للخطر، وكم سمعنا من المآسي التي شغلت أسرة المستشفيات وأماكن الإعاقة بسبب هذه الهوايات البغيضة التي أعتبرها عبثا بالنار، ويجب علينا استغلال مثل ذلك بتوجيهها كأن يعين الماهر بالقيادة سائقا في الدوائر الحكومية وغيرها، ولا نغفل مراكز الأحياء التي يجب علينا توجيه الشباب إليها. ما رأيك في نظام «ساهر»؟ أعتبر نظام «ساهر» نقلة نوعية من القائمين على إدارة المرور في المملكة وهو إجراء وقائي لحماية الأرواح وإجراء علاجي للمستهترين بأنظمة المرور الذين عرضوا حياتهم وحياة الآخرين للخطر، حيث إن الحوادث في بلادنا استنزاف للأرواح البشرية فأصبحت بعض المركبات نعوشا متحركة تسير من طريق إلى آخر. وقد ظهرت آثار هذا النظام سريعا بتراجع الحوادث، وأتمنى تعميمه على الطرق السريعة وجميع مناطق المملكة. ويجب على إدارات المرور التنبه للوافدين بمهنة سائق فأغلبهم يأتي للبلاد ويسلم عائلة بأكملها وهو لا يجيد من القيادة سوى الإمساك بالمقود، وبالتالي أصبحت لدينا حرب شوارع، فأكثرهم «الوافدون» يأتي من بلده المليئة بالأزقة الضيقة ويرى الشوارع الفسيحة هنا، فحدثت مآس كثيرة بسبب قيادتهم غير المتزنة. والجميل في نظام «ساهر» أنه لا يعرف الواسطة وسوف يتذمر منه الناس كثيرا ولكن ايجابياته أيضا كثيرة. تعج المحاكم بالخلافات الأسرية بين أبناء الأثرياء بعد وفاة مورثهم.. ما توجيهكم حيال ذلك؟ هذا الأمر موجود في الكثير من الأسر وليس حكرا على أبناء الأثرياء، وهي لا تشكل ظاهرة، وهناك بعض الأثرياء نظموا شؤون أبنائهم وشؤون أموالهم فأصبح أبناؤهم كما هم قبل وفاتهم، ولذلك نصيحتي للأثرياء أن يعدوا العدة لذلك بأن ينشئوا شركات أو مؤسسات وينظموا أمورهم لكيلا يتقاطع الأبناء ولا يختلفوا. ما الحل الأنجع برأيكم لحفظ الأبناء من الانحراف والسلوكيات الشبابية الشاذة؟ العالم الآن قرية واحدة، والشاب يعيش ما بين القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية وما بين القرناء وغيرهم، وغياب الكثير من الآباء عن البيوت سبب خروج الأبناء إلى الشارع ما جعلهم فريسة لمن أراد اصطيادهم من قرناء السوء وتجار المخدرات، والأمر الآخر هناك بعض الآباء لا يجلس مع أبنائه داخل المنزل إلا على وجبة واحدة أو حتى وجبتين فقط ولا يسأل عن قرناء ابنه ولا أين يذهب ولا متى يأتي، فتفقد الأبناء منهج شرعي، وإذا كان النبي سليمان تفقد الطير ألا يتفقد الإنسان أبناءه؟ فيجب علينا إشعار الابن باهتمامنا نحوه بالسؤال عنه وتفقد أحواله والجلوس مع أصحابه، ولا نغفل دور الأم وهي ظل الأب في البيت، والرسول، صلى الله عليه وسلم، قال «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» ثم ذكر أن المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، وقال صلى الله عليه وسلم «أيما راع يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة»، فيجب علينا ألا نترك أبناءنا وشأنهم في مسألة الإنترنت والقنوات الفضائية. ولا ننس دور دعاء الوالدين للأبناء والله تعالى قال في حق عباد الرحمن «والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين». ما رأيك في بيع الرجال للملابس النسائية «اللانجري» للسيدات؟ الحل في إيجاد أسواق نسائية متخصصة مغلقة بإدارة نسائية لا مكان للرجل فيها وهي فكرة ناجعة أجرا وغنيمة. يلاحظ ندرة مشاريع إفطار الصائم هذا العام.. فما وجهة نظركم حول ذلك؟ هذه المشاريع كانت تسير في السابق بالبركة، فتم إجراء تقييم لهذه التجربة فوجدنا أن الذين يفطرون في هذه المواقع هم عمالة وافدة يأكلون دون أن يتلقوا أي توجيه وإن تلقى فهو من بني جنسه، ولا نعلم ماهية هذا التوجيه وبالتالي أصبحت هذه المشاريع للوافد توفيرا لمبلغ وجبته اليومية فقط الذي يصرفه ليلا ربما في أشياء تضر البلاد والعباد، وهذا استنزاف للموارد، ولهذا أرى أن توكل هذه المهمة لمكاتب توعية الجاليات لكي تقيم أماكن خاصة بالتفطير تقوم من خلالها بإلقاء المحاضرات والندوات التوجيهية، وتكون جميع الجمعيات الخيرية متعاونة مع هذه المكاتب بدعمها بالمواد الغذائية اللازمة. فالمشاريع السابقة لم تكن مجدية ما ساهم في التقليل من انتشارها. المفرقعات النارية بلاء يظهر كل عام ما رؤيتكم حيال ذلك؟ المفرقعات خسارة للمال، وتصل أسعارها إلى مبالغ كبيرة فتتلف في لحظة حين تراها في السماء مزخرفة ثم تهوي هذه المبالغ محترقة إلى الأرض، والأولى بهذه المبالغ الأكباد الجائعة والمحتاجون، والأمر الآخر وقوع الضحايا بسببها وإزعاجها للمرضى والنائمين والغافلين، وأعتقد واحدا من هذه الأضرار كاف لمنعها والابتعاد عنها، وأبناؤنا فيهم خير ويستفيدون مما يقال لهم فلو تم إخبارهم بالأضرار لامتنعوا عنها. ما نصيحتك للشباب المتعثرين دراسيا والذين يرفضون العمل المهني؟ الشاب أحيانا يتعثر في الدراسة بسبب عارض، وهذا يجب أن يعطى دورة في الجامعات لزيادة معدله وبالتالي ينضم للجامعة، وأحيانا يكون التعثر ملازما له، وهذا أرى أن يعطى دورة مهنية بحسب احتياج سوق العمل، وبذلك تكون مخرجات البيوت سليمة لكي يرضى الأبناء بالعمل المهني الشريف وينفقوا على أنفسهم بدلا من الانضمام إلى صفوف العاطلين .