من المتوقع أن يظل التضخم في حدود 5 % في السوق السعودية خلال العام الجاري مع استمرار تضخم أسعار الإيجارات والمواد الغذائية لكن من المرجح تراجعه تدريجيا بعد عام 2010، مع الارتفاع المتوقع في أسعار الفائدة العالمية حسب تقرير أعده موظفو صندوق النقد الدولي عن الوضع الاقتصادي بالسعودية وسياسات الحكومة في التنمية. وأقر خبراء صندوق النقد الدولي بأن التحدي الأكبر على المدى المتوسط هو إنشاء فرص العمل اللازمة لمواكبة النمو السكاني السريع وهو ما يتطلب منهجا متعدد الأبعاد تصاحبه إصلاحات هيكلية في مختلف قطاعات الاقتصاد، بما فيها سوق العمل، ومواصلة التقدم في إصلاح نظام التعليم، والتدريب، وتحسين مناخ العمل، ومعالجة الثغرات في الإطار المنظم لإجراءات الإعسار وحقوق الدائنين بدرجة تسهم في تخفيف قيود التمويل على المنشآت الصغيرة والمتوسطة. وأكد خبراء الصندوق نجاح السعودية في مواجهة الأزمة العالمية حيث استفادت من التجربة التي خاضتها في منتصف ثمانينات القرن الماضي عندما انهارت أسعار النفط وتعرضت لأزمة مصرفية حادة، وأدى الحذر في سياسة المالية العامة إلى توفير الحيز المالي اللازم لاتخاذ إجراءات قوية في مواجهة الأزمة العالمية، وكان للأطر الرقابية والتنظيمية السليمة أكبر الأثر في تعزيز قدرة القطاع المالي على الصمود في مواجهة الأزمة بمنهج إدارة المخاطر المعتمد لدى مؤسسة النقد العربي السعودي . وأشار التقرير الدولي إلى تركيز عمليات مؤسسة النقد العربي السعودي على تعزيز الثقة في الجهاز المصرفي وحفز النمو الائتماني، وأبدى الجهاز المصرفي صمودا مستمرا بتجاوزه الأزمة، فظلت البنوك رابحة رغم تراجع الأرباح المحققة بنسبة 10 % في عام 2009 بسبب زيادة مخصصات خسائر القروض، ولا تزال القروض المتعثرة منخفضة نسبيا رغم ارتفاعها في عام 2009، ومر الائتمان المصرفي المقدم للقطاع الخاص بمرحلة استقرار في عام 2009 بالرغم من وفرة السيولة، ولم يشكل قيدا كبيرا على النمو نظرا لتوافر مصادر تمويلية بديلة. وأدت دفعة التنشيط المالي الكبيرة إلى دعم النشاط الاقتصادي، وامتدت آثارها الإيجابية إلى الخارج فارتفعت تحويلات العاملين بنحو 20 % لتصل إلى 25 مليار دولار، كما أبدى النمو غير النفطي صمودا ملحوظا عند مستوى 3,8 % في عام 2009، بانخفاض لم يتجاوز 0,5 نقطة مئوية عن المسجل في عام 2008 رغم التأثيرات العالمية المعاكسة، كما تميز قطاع الشركات المسجلة في سوق الأوراق المالية بسلامة أوضاع ميزانياته العمومية في نهاية عام 2009، غير أن الربحية كانت أقل من مستوياتها في السنوات السابقة على الأزمة (عدا في قطاع الاستثمار المتعدد)، حيث انخفضت بنحو 30 % في عام 2009 مقارنة بعام 2008. وأكد التقرير أن الآفاق في الاقتصادي السعودي إيجابية بوجه عام، لكن تظل أبرز المخاطر هي حدوث انخفاض حاد في أسعار النفط، وإن كان ذلك بعيد الاحتمال، وتوقع ارتفاع إجمالي الناتج المحلي غير النفطي إلى 4,25 % في عام 2010، مع استمرار الدعم المستمد من موقف المالية العامة التوسعي وتحسن أوضاع الائتمان، مع توقعات بحدوث تحسن في كل من حساب المالية العامة والحساب الخارجي، انعكاسا لتحسن الإيرادات النفطية .