اطلعنا جميعنا على الفتاوى التي لها رأي ونظرة مخالفة لبعض الأنظمة وسمعنا الآراء المناقضة له، ولست بصدد مناقشة هذه الآراء الشرعية أو ترجيح أحدها، فلست بالمؤهل لذلك، ولست ضليعا بهذا الشأن خاصة أن جميع من تصدى للموضوع علماء ثقات لهم وزنهم وشأنهم في المملكة والعالم الإسلامي، ولكن الذي يعنيني في هذا الموضوع هو تبعاته وآثاره، وبداية يجب أن أسأل أين كانت هذه الآراء عندما كان النظام لا يزال مشروعا لم يقر ويصبح قانونا واجب التطبيق؛ فالمعلوم أن القوانين لدينا تمر بمراحل بدءا حتى كونها مشروعا ودراستها وعرضها على مجلس الشورى للجانه المختصة والجهات المعنية والتوصيات التي توضع عليه ودراسته من قبل هيئة الخبراء بمجلس الوزراء حتى يصار لاعتماده وصدوره، أو لم تطرح هذه الآراء في وقتها والإجابة ستحمل وجهين إما أنها طرحت وأخذت برأي مخالف، والوجه الآخر أن هذه الآراء لم تطرح في وقتها ألبتة. ولا يعني هذا حتى إن كانت الآراء الشرعية موجودة بالموافقة قبل صدور النظام أنه لا يمكن الرجوع عنها بعد ذلك، بل هذا أمر طبيعي ومشروع، فالقول المأثور أن الإمام الشافعي، رحمه الله، أفتى بأمور وهو في العراق، وأفتى بخلافها في مصر، والقصد أن التراجع عن الرأي أمر وارد. ولكن ما الذي يحدث أثناء فترة هذا التراجع؟ فهناك نظام طبق وهناك آراء شرعية بمخالفة بعض جزئياته، وهنا مكمن الخطورة، والأمر الذي يجب التمعن فيه وخاصة بعد الاطلاع على آراء عدد من أصحاب الفضيلة القضاة والذي ذكر اسمه البعض وتحفظ البعض عن ذكر اسمه لضرورة احترام الفتوى وأحقية إقامة دعوى بإبطال المخالفة وما إلى ذلك، وهذا الأمر يدعو إلى وقفة، فوجود رأي شرعي يخالف نظاما مطبقا يجب على القضاة الالتزام بالنظام، وذلك لإحقاق العدالة والمساواة والرأي أنه يجب أن يكون من اختصاص المحكمة العليا النظر في الطعون المقدمة بمخالفة القوانين من الناحية الشرعية وعندها يصبح الحكم الصادر من المحكمة العليا بمشروعية القانون ككل أو بعض المواد الوارد به هو الفيصل والواجب الاتباع.