في العصور الوسطى كان الناس يعتقدون أن في الكيمياء سحرا يعيد الشباب ويحول المعادن الرخيصة إلى ذهب.. وقد كان هذا الاعتقاد هو السائد حتى جاء العالم العربي جابر بن حيان ودرس الكيمياء فأثبت للعالم أنها علم يحتاج إلى مختبر وقوانين وأنظمة، وبين أنها علم تجريبي يصنف من العلوم التطبيقية، وليست مجرد نظريات خيالية نحفظها ونعتقد بصدقها. توفي جابر بن حيان وهو يوصي تلامذته قائلا: «أول واجب أن تعمل وتجري التجارب، لأن من لا يعمل ويجري التجارب لا يصل إلى أدنى مراتب الإتقان. فعليك يا بني بالتجربة لتصل إلى المعرفة». كانت هذه من أهم وصايا العالم العربي قبل أكثر من ألف عام، والتي يظهر أنه حتى هذه اللحظة لم نفهمها ولم ندرك عمقها العلمي. بينما تلقف الغرب مثل هذه الوصايا وطبقها. وللدلالة على تجاهلنا لوصية هذا العالم العربي يمكن إلقاء نظرة على كيفية تعليم هذه المادة في مدارسنا، حيث يتم تلقينها للطلاب والطالبات بشكل نظري وسردي حتى باتت مادة مكروهة من شدة الملل والروتينية أثناء الحصة الدراسية، والسبب في كون الكيمياء مادة تختلف عن بقية المواد هو أنها علم مركزي لا يهتم بالشكل الظاهري للمادة بل يدرس ذرات المادة وجزيئاتها، فهي علم مجهري يحتاج إلى استنباطات من قبل الدارسين واستنتاجات وملاحظات علمية. إن عالمنا الجليل جابر بن حيان بذل جهودا جبارة ليضع للكيمياء مقعدها بين العلوم، ومع الأسف كتبه التي بخط يده في المتاحف الغربية الآن وهم أكثر من نهل منها، لذا نحتاج إلى لفتة كيميائية تجعل نظرتنا عنها تتغير، نريد مختبرات مهيأة للدراسة ومحاضرات تتم وفق التجربة العلمية في المعامل. سارتون وهو دكتور في الطبيعية والرياضيات، قدم بحثا عن الكيمياء نال جراءه الميدالية الذهبية قال عن العالم العربي جابر بن حيان بفخر واعتزاز: «إن الكتب التي ألَّفها لا يمكن أن تكون من وضع رجل عاش في القرن الثاني للهجرة لكثرتها ووفرة ما بها من معلومات». لا تساورني الشكوك أن لدينا ثروة علمية هائلة مازلنا نتجاهلها بشكل واضح!.