لم يعرف العالم البيتزا يوما ما إلا ومندمجة مع الطهاة الإيطالييين، الذين برعوا في إعدادها، فأصبح التهامها من أيادي غيرهم بلا مذاق لكن شباب السعودية وتحديدا في جدة قلبوا الطاولة، وبدؤوا المنافسة، على غرار التحدي يولد الإبداع، فانتهزوا الإجازة الصيفية ليقدموا النموذج الحقيقي لتحدي الشباب، الأمر الذي وجدوه في أحد المطاعم العالمية المتخصصة في إعداد البيتزا، فكان لهم ما أرادوا، وكما يقولون: من يتذوق يحكم. كانت الفكرة مجرد محاولة لكسر جمود الصيف، ورغبة في تطوير المهارات، واكتساب معارف جديدة من أجل مستقبل أفضل، واستغلال لأوقات الفراغ الطويلة في عمل مفيد، لتتحقق الأمنيات، من خلال المطعم الشهير الذي فتح أبوابه ومطبخه المتخصص في البيتزا للشابب، وأودعهم الشعار «أجواف البشر بين أيديدكم، فإما الحفاظ على الشهرة العالمية، وإما خسرتم الفرصة». المناوبات مريحة طالب الثانوي عدنان سمان، أول من خاض العمل، الذي وجده بنظام المناوبات، الأمر الذي يتيح له المباشرة في أي وقت أراد «آثرت عدم السفر مع أسرتي في الإجازة المدرسية، وفضلت العمل في هذا الموقع، الذي اعتدت الحضور إليه منذ ثلاثة أعوام، بنظام العمل جزئيا لبعض الوقت، لكنني في فترة الصيف أعمل دواما كاملا». واعتبر مرور الإجازة الصيفية من دون فائدة هدرا للوقت «وجدت في المطعم كل تشجيع ودعم من صاحبه، كما تلقينا من الزبائن كل التقدير والاحترام، ما جعلنا نتأكد أننا نسير على الطريق الصحيح في الاعتماد على النفس وتحقيق الذات، ووصل تقدير الزبائن لعملنا كشبان سعوديين إلى أن يسمعونا عبارات تشجيعية، وحتى في إعطاء البقشيش، إذ نحصل على عائد ممتاز يتراوح غالبا بين 80 إلى 100 ريال، وهذا يعد حافزا كبيرا وتأكيدا على رقي نظرة الزبائن إلينا كشبان سعوديين نعمل بأيدينا». ويرى طالب الثانوية مؤيد طارق الحميد، عمله في الإجازة رغبة في الاستفادة من الوقت «حتى لا أشعر بالملل لطول الفترة وعدم وجود ما يشغل وقت فراغي، وحرصت أن أضيف خبرات عملية تدعمني بعد التخرج وتساعدني في الانخراط في سوق العمل، واكتساب مهارات جديدة، وخصوصا في فن التعامل مع الجمهور، ووجدت تأييدا من الأهل والأصدقاء، خاصة أن بعضهم يزاول أعمالا مختلفة خلال الصيف، أما عن تعامل وتفاعل رواد المطعم معي وزملائي الآخرين، فإننا نجد كل تقدير واحترام من الزبون تجاهنا كشبان سعوديين لا نخجل من العمل في مثل هذه الوظيفة». استفادة من الوقت وأشار طالب المرحلة المتوسطة أحمد باسم شيكان إلى أنه يشعر دائما بتحمل المسؤولية «استطاع والدي غرس هذه القيمة في داخلي، وهذا الإحساس كان بمثابة دافع لي للعمل في أوقات فراغي، خصوصا في الإجازة الصيفية، والعمل في المطعم يمتاز بمرونة ساعات العمل ومراعاتها لظروف الشبان العاملين، وفي المقابل أحرص على أن يكون العمل من أولوياتي، واستطعت ولله الحمد أن أحصل من خلال عملي في المطعم على خبرة عملية لا تقل أهمية عن الدورات التدريبية النظرية، بل قد تتعداها». صعوبة البداية واستهوت فكرة العمل طالب المرحلة المتوسطة أحمد مازن، ففضل خوض التجربة الجديدة، بعدما حظي بتشجيع والده ووالدته، بل بفخرهما بعمله في كل المجالس «أعترف أنني واجهت في البداية صعوبة التعامل مع متطلبات العمل، خصوصا أني لم أكن أمتلك أي خلفية عن طبيعة وطريقة العمل، حتى إنني ارتكبت هفوات وأخطاء استطعت أن أتعلم منها، وأنا الآن أقف أمام الجمهور من دون خجل أو أخطاء». وأعرب صاحب المطعم باسم شيكان، الذي أسسه منذ ثمانية أعوام عن حرصه على توفير فرص عمل للشبان السعوديين، خصوصا طلاب الجامعات، ومن يعملون في وظائف لا توفر لهم التزاماتهم المادية تجاه أنفسهم ومن يعيلون من أفراد أسرهم «حرصت على توفير وظائف بنظام العمل الجزئي، فالشاب المرتبط بالدراسة الجامعية انتظاما يستطيع العمل ليلا، أما الطالب المنتسب فيستطيع أن يزاول عمله نهارا، ولدينا حاليا أكثر من عشرة موظفين سعوديين يعملون بنظام النوبات، وتم رفع أجورهم رغبة في استقطاب أكبر عدد ممكن منهم، وضمان استمرارهم في العمل لدينا». أكثر جدية وعبر عن فخره بجدية الشاب السعودي للعمل «الشبان في أعمار صغيرة، ولا نقول: إنهم أكثر جدية من الآخرين، ولكن من خلال تجربتي وجدت أنهم أكثر حرصا ورغبة في التعلم واكتساب الخبرات، ما يميزهم عن غيرهم، ويبعث الأمل في الجيل الجديد، وصلتني ردود فعل إيجابية تثني على عمل الشبان السعوديين في المطعم، كما أتلقى شكر الزبائن على تبني هذه البادرة، التي يرونها فريدة من نوعها، وهناك نماذج مشرفة من الشبان المكافحين، منهم شاب يعمل في المطعم منذ أن كان طالبا في الصف الأول الثانوي، حيث استمر في العمل طوال أعوام دراسته الثانوية بنظام الدوام الجزئي خلال الإجازات المدرسية، وفي عطلة نهاية الأسبوع، كما استمر في العمل بالمطعم خلال إجازات الصيف بعد التحاقه بالدراسة الجامعية، ونحن نخصص لهم برنامجا تدريبيا لمدة أسبوعين على رأس العمل بأجر، وبعد اجتياز البرنامج تتاح للشبان الجدد الممارسة الفعلية لمهامهم الوظيفية».