لم يحدث أن شهدت أمريكا استراتيجية عسكرية ذكية مثل تلك التي اقترحها جورج إيكن عضو مجلس الشيوخ من ولاية فيرمونت ذلك الحين حول الكيفية التي يمكن أن تكسب بها البلاد الحرب في فيتنام. وكان إعلان النصر وإعادة القوات إلى الوطن، وصفة طبية قدمها إيكن. والآن يجري طبخ استراتيجية أكثر ذكاء. فقد حشدت أمريكا حلفاءها في مؤتمر دولي بكابول، ومن بينهم الرئيس الأفغاني حامد كرزاي. وطلبت منهم الارتباط باستراتيجية تنطوي على إعلان فوز وعدم التحدث عن إعادة القوات إلى الوطن. ويمكن لأي نوع من الأحداث أن يعرقل هذه الاستراتيجية، في نفس الوقت الذي يمكن أن تنجح فيه. ونجاح بهذه الطريقة لا يشبه بأي حال من الأحوال الانتصار بمعناه العادي المعروف. وكل ما يمكن إنجازه هو تجنب الهزيمة. وصاحب هذه الاستراتيجية الذي لم يعلن عنه هو بالتأكيد اللواء ديفيد بتريوس القائد الجديد في أفغانستان. ويعتبر بتريوس، الذي حقق «حتى الآن» استراتيجية اندفاعية ناجحة في العراق، أفضل لواء أمريكي منذ الحرب العالمية الثانية. ولن ينسى الرئيس باراك أوباما لبتريوس سرعة موافقته على تولي القيادة في أفغانستان بعد أن ترك اللواء ستانلي ماكريستال الموقع بسبب تعليقات غير حكيمة لأحد مراسلي مجلة محلية. ورغم أن بتريوس يغطي الجوانب السياسية لأوباما، إلا أنه كرر- ولكن بلغة دبلوماسية على عكس ماكريستال - خلافه منذ فترة طويلة مع قرار أوباما ببدء سحب القوات في يوليو المقبل، وهو الوعد الذي جعل أوباما يكسب تأييد الديمقراطيين لإرسال 30 ألف جندي آخرين إلى أفغانستان. وفي عملية رائعة من التنصل اللفظي بمؤتمر كابول، تحول موعد 2011 المحدد لبدء الانسحاب الأمريكي إلى قصة لن تطبق حتى عام 2014. واكتملت هذه الخدعة بتعهد من كرزاي للمؤتمر بأن الجيش الأفغاني والشرطة سيكونان مسؤولين عن الأمن في البلاد بحلول عام 2014، وبتظاهر الحضور حول المائدة بأن هذا سيحدث فعلا.