تفتقت عقلية الطالبات والموظفات عن حيل ماكرة لامتلاك سيارات بالتقسيط لا يدفعن مقابلها شيئا يذكر، وكما أن المعاناة تولد الإبداع فقد لجأ بعضهن لشراء سيارات بالتقسيط، ومن ثم توصلهن إلى مقار أعمالهن أو جامعاتهن، وأثناء ذلك يتفقن مع زميلات أخريات لتوصيلهن نظير مبالغ مالية تسدد أقساط الشركات التي اشترين منها السيارات، وهكذا ضربن عصفورين بحجر، وهنا نرصد بعض تلك التجارب مع عدد من الفتيات اللائي نجحن في ذلك بامتياز. أمل الناصر، لها تجربة في التعامل مع الاستثمار العفوي في السيارات: «أعمل موظفة في إحدى الشركات الكبرى بنظام التعاقد، وتعمل معي بنت خالتي ريم في الشركة نفسها، ولأن المنطقة التي نعمل بها بعيدة نوعا ما عن مقر سكننا، فقد طلب منا السائق مبلغ 2400 ريال مقابل إيصالنا إلى العمل، وقد كان المبلغ كبيرا، ومدخولنا الشهري لا يحتمل مثل هذا المبلغ، فاقترح أخي الأكبر الذي كان يعمل مدرسا فكرة جيدة علينا، بأن يستأجر سيارة بمبلغ 1800 ريال شهريا، وبعد التفاوض وصل سعرها إلى 1600 ريال شهريا، ندفعه أنا وبنت خالتي مناصفة، أما السائق فقد كان لدى أسرتي سائق أجنبي في مؤسسة تملكها عائلتي، ليس لديه أي عمل صباحا، فكان يوصلنا مجانا، وأخذنا زميلتين معنا لنوصلهما للعمل بمقابل مادي أيضا، وقدره 800 ريال شهريا عن كل واحدة، فأصبح استئجار السيارة مجانا علينا، فضلا عن أننا ندفع فقط قيمة البنزين، وهو مبلغ قليل جدا، فيما الزيت والقماشات وكل صيانة السيارة على شركة التأجير، وبصراحة شعرنا براحة كبيرة مع فكرة الاستئجار». فيزا للسائق أما زاهية حبيب ومنى المبارك، طالبتا طب بشري، فلهما حكايتهما مع استئجار السيارات، تقول زاهية: «نبدأ دخول المستشفى من السنة الرابعة، وتختلف مواعيد المحاضرات من يوم لآخر وننتقل كل يوم من الكلية للمستشفى وهكذا، فبحثنا عن سائق يحتمل مواعيدنا المرتبكة فلم نجد، فأصابنا إحباط شديد خاصة أننا نطمح لمستقبل واعد، ومثل هذا الارتباك متعب لنا ونحن في مقتبل العمر، فكان القرار من أمي وهي موظفة تمنحها شركات بيع السيارات سيارة بالتقسيط، فأخدت سيارة بنظام التقسيط المنتهي بالتمليك، وقدمت لنا على سائق، رغم أن سعر الفيزا الخاصة بالسائق صعقنا، لكن أمي دفعته بشرط أن نوصل مجموعة من زميلاتنا معنا من أجل أن نعيد لها ما دفعته في سعر الفيزا، وندفع راتب السائق، وأيضا قسط السيارة، وكان جمع زبائن مضموني الدفع مرهقا بالنسبة إلينا، فتكفلت زميلتي منى بتوفير الزبائن، والحمد لله نجحنا، خاصة أن أختي الأصغر مني أيضا كانت تذهب مساء لمدرسة خصوصية وتأخد معها صديقاتها بمبلغ مالي جيد، المضحك الآن أنه وبعد عام من مشروع قدوم السائق أصبحت أنا ومنى نفكر مليا في أن نكرر تجربة سائق آخر وسيارة أخرى جديدة بعد نجاح مشروعنا الصغير الذي أصبح يدر علينا ربحا ماليا لا بأس به، من إيصال بعض صديقاتنا أيضا إلى النادي الرياضي وأحيانا بعض مشاوير السوق، أو أن نذهب جميعا للمقهى، وكل ذلك بحسابه». سائقون استغلاليون هيلة الدوسري، تعمل في مجال السكرتارية الطبية بأحد المستشفيات الحكومية: «تعبت جدا من السائقين ومشكلاتهم وتأخيرهم، وبعد عام من المعاناة قررت شراء سيارة كاش من الوكالة تكون باسمي وأوصل زميلتين معي في طريقي، لديهما المعاناة نفسها بمبلغ أقل من المبلغ الذي يدفعانه للسائق الذي كان يستغل حاجتنا ويرفع علينا السعر كل يوم وآخر، وبصراحة شديدة شعرت براحة نفسية شديدة بعد معاناة، وأصبحت أخرج كلما أردت للسوق والمطاعم مع صديقاتي والأهل أيضا، وأصبحت صديقاتي ممن ليس لديهن سائق يطلبن مني سائقي إذا احتجن إلى مشوار حتى أخواتي المتزوجات يطلبن مني سائقي لأن أزواجهن في الغالب يرفضون إيصالهن، وبهذا الوضع أصبح سائقي وسيارتي قدمي التي أسير بهما». وتشن سارة العباس هجوما شرسا على السائقين السعوديين: «أغلبهم استغلاليون ويطلبون مبالغ مالية كبيرة، وذلك غير اللسان الطويل وقلة الذوق، وأحيانا عادي جدا ألا يمر لإيصالي للمعهد، وعند سؤاله لماذا لم تأت، يبتدئ بقلة الذوق: والله راحت علي نومة، وإذا كان الوضع لا يناسبك ابحثي لك عن سائق آخر، هذا هو رده، منذ شهرين كان لدي اختبار ربع تيرم، ولم يوصلني السائق، فاتصلت به 100 مرة ولم يرد علي، ثم أغلق الهاتف وفاتني الاختبار، وفي اليوم الثاني عندما سألته عن سبب عدم مجيئه أجابني: لا، وتبغيني أوصلك والفريق الذي أشجعه في كرة القدم خسر المبارة؟ تصوروا هل هذا سبب كاف لعدم إيصالي، وطبعا رفض المعهد إعادة اختباري، فتعاطفت إحدى الزميلات مشكورة مع مأساتي بعد أن أخبرتها بها وعرضت علي إيصالي مع سائقها الخاص نظير مبلغ مالي بسيط» .