أظهر تقرير مصرفي صدر أمس انخفاض مستوى ثقة الشركات السعودية بسبب التباطؤ المتوقع في النمو الاقتصادي والظروف التمويلية الأكثر صعوبة وارتفاع أسعار الفائدة في النظام المصرفي المحلي، بالإضافة إلى مشكلتي هبوط أسعار النفط وأثرها النفسي وانخفاض أسعار الأسهم. وذكر التقرير الذي أعده كبير الاقتصاديين في ساب الدكتور جون اسفكياناكيس والذي جاء بعنوان "مؤشر ساب: ثقة الشركات السعودية الربع الرابع 2008" أن هناك عاملين أسهما في الحد من انخفاض المؤشر لمستويات أدنى وهما: الأثر الإيجابي لانخفاض أسعار العقارات على الشركات، وتراجع مستوى القلق من التضخم خلال السنة القادمة. وأكد التقرير أن أحدث الإحصاءات يشير إلى أن النمو الاقتصادي الحقيقي للعام الجاري سيبلغ 5% نظراً لنمو القطاع الخاص غير النفطي 5.9% ونمو قطاع البترول بنسبة 3.8%. وأوضح التقرير أنه مازال النمو الاقتصادي معقولاً على الرغم من تزايد مؤشرات التباطؤ وأن الشركات السعودية تتوقع استمرار النمو الاقتصادي القوي. وتوقع 38% من الذين شاركوا في استطلاع "ساب" أن تتسم القروض المصرفية بالإيجابية مقابل 71% في الربع الثاني وذلك لأن محدودية السيولة المصرفية المتوافرة تواصل أثرها السلبي على الثقة. ومن خلال استطلاء آراء 623 شركة عبر مختلف القطاعات الصناعية السعودية (537 شركة في الدراسة السابقة) يتوقع 54% فقط من هذه الشركات نمواً اقتصادياً أقوى في الربعين الأول والثاني من عام 2009 وهذه النسبة أدنى بكثير من تلك المسجلة في الربع الثالث والبالغة 89%. وسجلت 53% من الشركات المشاركة في هذه الدراسة ارتفاعاً في طاقاتها الإنتاجية (مقابل 74% في الربع الثالث)، ويعكس هذا التغيير تراجعاً ملحوظاً في مستوى الإنتاج المتوقع. كما خفضت صناعات محددة مستويات إنتاجها بالفعل. فعلى سبيل المثال قلصت صناعة الفولاذ معدل إنتاجها إثر هبوط سعر الفولاذ بأكثر من 70% في السوق المحلية خلال الشهور القليلة الماضية. علاوة على ذلك تتوقع 35% من الشركات المستطلعة آراؤها تخفيض طاقاتها الإنتاجية في عام 2009. وكانت أهم الإجابات التي حصل عليها هذا التقرير تتعلق بأثر الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد السعودي، إذ يعتقد 14% فقط من المشاركين في الدراسة أن اقتصاد المملكة لن يتأثر بهذه الأزمة، بينما يعتقد 17% منهم أنه سيتأثر بها حتماً، في حين يعتقد 58% منهم أنهم قد يتأثرون بها. وتكمن أهمية هذه الإجابات في حقيقة أن المجموعة الأخيرة قد تتبنى رأياً أكثر سلبية عندما يتفاقم ركود الاقتصاد العالمي وتشعر المنطقة بأثره. وقال التقرير إنه في الربع الأول من عام 2009 ينبغي أن تتكون هناك صورة أوضح عن سلوك المستهلك السعودي في ظل المناخ الاقتصادي الراهن. إذ ما زالت إشارات متباينة حول ضعف صناعات بعض القطاعات (صناعة السيارات، مثلاً) وتباطؤ صناعات أخرى (مثل الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية والمنتجات البيضاء القطنية). وتراجع مؤشر ثقة الشركات من 100.2 إلى 96.4 أي بمعدل نسبي قدره 3.8% وهو ثاني أكبر تراجع منذ بداية المؤشر. أسعار النفط نتيجة لتذبذبات سعر برميل النفط ما بين 147 دولاراً صعوداً وخمسين دولاراً هبوطاً خلال بضعة أشهر فقط. فقدت التنبؤات الاقتصادية معناها وذكر التقرير أنه بمراجعة تقديرات عائدات المملكة من النفط في عام 2008 يتوقع أن تنخفض العائدات من 350 مليارا دولار إلى 287 ملياراً تمثل نسبة 18% على الأقل، لكنه أبدى تفاؤلاً أن تسجل المملكة مستوى قياسياً مرتفعاً على صعيد هذه العائدات لأنها ستنمو بنسبة 40% مقارنة مع عائدات 2008 التي بلغت 205.5 مليارات دولار وهو ما سيمنحها دخلاً إضافياً يعزز مناعة الاقتصاد في المستقبل. انحسار مخاوف التضخم: انخفضت نسبة الشركات القلقة من ارتفاع الأسعار وفق التقرير إلى 30% فقط مقارنة بنسبة 64% في الربع الثالث، في حين يرى التقرير أن القلق من النمو ومن الانكماش حل محل القلق من التضخم. وتوقع التقرير أن يبلغ معدل التضخم في العام الجاري 9.7% نظرا للتراجع في معدل الطلب المحلي وتكاليف الإنتاج. إعادة تقييم الريال: استبعد نحو 86% من المشاركين في استطلاع ساب احتمال إعادة تقييم الريال، في حين يتوقع 10% من المستطلعين أن يتغير هذا الوضع في الربعين المقبلين. وحول العملة الخليجية الموحدة توقع 75% من المستطلعين عدم إنجاز هذه العملة بحلول 2012. سوق العقارات: توقعت 46% من عينة الشركات التي شاركت في الاستطلاع أن تؤثر أسعار العقارات سلبا في أدائها خلال الربعين القادمين، فيما توقعت 31% من العينة أن تبدأ أسعار العقارات بالانخفاض في الربعين المقبلين. ويرى التقرير أن تطورات أسواق العقارات الإقليمية ستؤثر في سوق العقارات السعودية وستخفض أسعار العقارات في المملكة في 2009. سوق العمل أفاد 26% من العينة أن شركاتهم لا تمتلك كل الموارد البشرية اللازمة ويتوقع 10% منهم أن تعاني شركاتهم من نقص حاد في الموارد البشرية خلال الفصول القادمة. الاقتراض وأسعار الفائدة رأى 33% ممن شاركوا في الاستطلاع أن هذه السياسات مقبولة بينما لم يعتقد أي منهم أنها إيجابية للغاية فيما اعتبرها 25% منهم أنها ليست صعبة للغاية ويتوقع 42% منهم أن تصبح هذه السياسات صعبة. وتوقع 29% من المشاركين في الاستطلاع أن تبقى أسعار الفائدة كما هي بينما يتوقع 3% منهم أن ترتفع في حين يتوقع 68% منهم أن تنخفض أسعار الفائدة بواقع 25 إلى 100 نقطة أساس. فرص الاستثمار: أوضح التقرير أنه خلافا للاستثمار في قطاعي العقارات من الأسهم المحلية يبدو أن الأوراق المالية من الودائع هي الخيار الاستثماري المفضل لدى الشركات السعودية في الوقت الراهن. وأشار إلى أن 32% من عينة الشركات المشاركة تفضل الاستثمار في الأوراق المالية والودائع بينما تفضل 29% منها الاستثمار في العقار و 21% في الأسهم المحلية.