عادة ما يختلفُ الناسُ حدّ الانقسام، وربما التشظّي إلى أكثر من فسطاطين حول قضايا الرأي العام، وهي تلك القضايا التي يمتد تأثيرها، ويلمس أثرها قماشة المجتمع بأطيافه المتباينة. ومن قضايا الرأي العام التي ما برحت تحتل مساحة لا بأس بها من اهتمام الناس، وتشغل بالهم على نحو لم نعهده من قبل، فخلال الأسبوع الفارط لم يخلُ مجلس، ولم تنأ مناسبة إلاّ وكان محور الحديث فيها يدور حول إغلاق المستشفى الشهير في جدة، وتجوهر الحديث حول قرار الإغلاق، فمنهم مَن رآه قرارًا حكيمًا، وأسفنجيًّا، وذلك لامتصاص غضبة الناس المعلنة في المواقع الإلكترونية، ووسائط التواصل الاجتماعي، والقضية الصامتة، رغم ربط البعض للقرار الصارم بمكانة أسرة المتوفى إلاّ أن مسؤولي الصحة في جدة أكدوا على أن أخطاء المستشفى مرصودة، ومنها الخطأ الأخير الذي تم رصده حتى قبل وفاة الضحية (راجع ج. المدينة يومي الجمعة 9/1، والسبت 10/1، ولا أدري متى ينفك الناس من هاجس الظن!! البعض الآخر رأى أن القرار، رغم صرامته إلاّ أنه افتقر وافتقد إلى حكمة معالجة التداعيات المترتبة على هكذا قرار، فما يتعلق بالمرضى خاصة أولئك الذين نقلهم قد يودي -لا سمح الله- بحياتهم، وحتى هذا اليوم هناك مَن تقطعت بهم الأسباب، إذ لم يجدوا لهم أسرّة في ظل قلة إلى ندرة الأسرّة في مدينة جدة، ورغم أن الإغلاق تدريجي، إلاّ أن آثاره كارثية على المرضى، إذ لم تهيأ بدائل متكاملة الكوادر لاحتضانهم، وتخفيف آلامهم. لعل هذه القضية تكون بمثابة جرس إنذار للمشافي الخاصة، خاصة تلك التي تؤجر عياداتها، وتقدم خدماتها بالقطعة، والمرضى يعالجون فيها "بالقطة"! وعند وقوع الكارثة يهرب مقاولو الباطن، ويبقى المؤجِرون. * ضوء : (الساكت عن الحق شيطان أخرس).