شاهدت حلقة لبرنامج الثامنة للمتألق دائماً الأستاذ داوود الشريان مساء السبت الماضي، الذي استضاف فيها والدَيْ الطفلَيْن "يعقوب وعلي"، ورافقهما في الحلقة الطفل يعقوب، الذي أبكى كل من شاهد الحلقة؛ فعندما سمع صوت أمه التركية عبر الهاتف بكى بحرقة شوقاً ولوعة لها، وعبَّر عن رغبته في السفر إليها، وعلى الجانب الآخر عندما تحدث الطفل علي من تركيا أبدى المشاعر نفسها حيال والده السعودي، ورغبته في الرجوع إلى السعودية. لقد كان حديث الأبوَيْن عن الحادثة أشبه بالفيلم التركي السعودي، كما ذكر الشريان في نهاية الحلقة، التي لم تُعطِ حلاً لهذه المشكلة؛ فلم يشارك أو يتداخل في الحلقة أي مسؤول من وزارة الصحة أو الشؤون الاجتماعية، ولا حتى طبيب نفسي أو محام ليتحدثوا عن هذه المأساة، وبقي الأبوان ينظران في نهاية الحلقة إلى الأستاذ داوود الشريان وهو ينهيها دون الحديث عن حل للمشكلة، وكأني بهما يرددان المثل القائل "ليتك يا أبو زيد ما غزيت". لقد أحسستُ من خلال الحديث الذي أدلى به الأبوان يوسف جوجا "التركي" ومحمد آل منجم "السعودي" أنهما بلغا وضعاً لم يعد باستطاعتهما فيه مواصلة الصبر نظراً لما مر بالعائلتين خلال السنوات الماضية من عناء ومشقة، وتخلي وزارة الصحة، الذي كان سبباً فيما آلت إليه العائلتان من حالة نفسية من هول المصاب؛ فقد أوضح الأب التركي أن زوجته أصبحت تعاني حالة نفسية شديدة، واستشهد بالتقارير التي عرضها عبر البرنامج، وفي اعتقادي أن والدة الطفل السعودي ليست أقل حرقة على ابنها من الأم التركية؛ فالعائلتان لم تستطيعا إقناع الطفلين بالأمر الواقع، رغم بلوغهما سن التاسعة، وما زالا يحملان جوازَيْ سفر سعودياً وتركياً؛ فالطفل "علي" يعيش في تركيا بفيزا، و"يعقوب" يعيش في السعودية بإقامة، أليست هذه طلاسم تحتاج إلى تفسير؟ إننا نتمنى من المسؤولين في وزارات الداخلية والخارجية والصحة ومن لهم علاقة بهذه القضية التعاون لإيجاد الحلول المناسبة؛ فالخطأ وقع في أحد المستشفيات الحكومية، ولا بد أن تتحمل الدولة تبعات هذه القضية لإعادة الاستقرار والهدوء إلى أفراد الأسرتَيْن. إن تبرع خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله وأسبغ عليه الصحة والعافية - للطفلين بمبلغ مالي وسكن للأسرة التركية ليس بغريب عليه؛ فقد تعودنا منه دائماً وأبداً الوقوف إلى جانب أبنائه المواطنين وغير المواطنين في محنتهم. أما ما تبقى من معالجة للموضوع فإن المسؤولية تقع على وزارة الصحة لتصحيحه وجبر ما تم كسره، وإعادة الحياة الهادئة إلى الطفلَيْن وأسرتَيْهما. وعلى الوزارة اتخاذ الإجراءات اللازمة؛ لعدم تكرار مثل هذه الواقعة في مستشفياتنا مستقبلاً. ------------------------------------------------- مدير مكتب صحيفة عكاظ بمحافظة الطائف (سابقاً) كاتب بصحيفة سبق الإلكترونية (حالياً).