عروس البحر الأحمر لقب استولت عليه مدينة جدة قبل أن تتسع مساحتها ، وتكثر أحياؤها بفضل المخططات التي أُنشئت بلا تخطيط وبلا خدمات ، وعندما كبرت كبر معها الشق فأصبح (الشق أكبر من الرقعة) ، ولا يمكن أن تتم معالجته بين يوم وليلة. في أغلب بلدان العالم لا يُسمح بإقامة حي جديد إلا بعد اكتمال البنية التحتية له ؛ حيث تكون كل الخدمات متوافرة فيه ، من صرف صحي ومياه وهاتف وكهرباء وغاز ، أما نحن فإن غالبية الأحياء أُنشئت دون حتى سفلتة ، ثم بدأت تأتي إليها الخدمات بعد عناء المتابعات والمطالبات من سكانها الذين فارق معظمهم الحياة دون أن يتمتعوا بخدمات متكاملة. إن غالبية شوارع جدة لا يتوقف العمل بها ؛ فما إن ينتهي العمل من سفلتة مشروع حتى تأتي شركة أخرى لتحفر الشارع من جديد لمشروع آخر! وأصبح معظم الشوارع حُفَر وأسفلت مموج! هذه المشاهدات لا تخفى على أحد من ساكني جدة ، أو من زائريها، وكل ذلك في كفة وما يحدث حالياً في كفة أخرى ؛ فمنظر شاحنات نقل مياه الصرف الصحي الصفراء أضرت كثيراً بشكل العروس وبرائحتها ؛ فبدلاً من تعطيرها بالورود عُطرت برائحة تلك الشاحنات التي تجوب الشوارع العامة وداخل الأحياء ، وبأعداد كبيرة أدت إلى تعطيل الحركة المرورية. والشيء اللافت للنظر أن سائقيها من خلال متابعة بعض المواطنين لهم يقومون بسحب تلك المياه في أوقات الصلاة ، خاصة عند المساجد ، وبإمكان رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متابعة ذلك ومعرفة أسبابه ؛ فالشك أن يكون ذلك تعمداً منهم ، إضافة إلى ما تخلفه تلك الوايتات من أضرار على الصحة العامة نتيجة استخدام وقود الديزل في تشغيل محركاتها ، الذي يُسبّب تهيج الصدر وحدوث نوبات الربو والحساسية ، خاصة عند الأطفال. ومن المؤسف أن الحجاج والمعتمرين القادمين من المدينةالمنورة إلى مكةالمكرمة والعائدين إليها يأخذون انطباعاً سيئاً عندما يشاهدون منظر تلك الوايتات وهي تفرغ حمولتها في محطة المعالجة شرق مطار جدة ، على مقربة من طريق الحرمين ، في طوابير كبيرة ولافتة للنظر. كل أمنياتنا أن يسرِّع المسؤولون تنفيذ المشاريع ، خاصة مشاريع الصرف الصحي ، وإعادة السفلتة لعدد من الشوارع للقضاء على هذه السلبيات ؛ فنحن لا نشك في الجهود المبذولة ، لكنها بطيئة. ------------------------------------------------- مدير مكتب صحيفة عكاظ بمحافظة الطائف (سابقاً) كاتب بصحيفة سبق الإلكترونية (حالياً).