مشكلة كبيرة تؤرق المعلمات اللاتي يعملن في مدارس ، تبعد عن مساكنهن مئات الكيلومترات ، في قرى وهجر تفتقر لكثير من الخدمات والمستلزمات المهمة ؛ فيضطررن إلى الدوام يومياً عبر سيارات نقل ، بعضها جيد ، وبعضها الآخر رديء، إلى درجة أن الطريق الذي يستغرق ساعة تقطعه تلك السيارات القديمة في ساعتين أو أكثر ، في حين أن بعض المعلمات ينطلقن من منازلهن في الساعة الثانية أو الثالثة صباحاً ؛ ليصلن إلى مقر العمل الساعة السابعة ؛ فيمضين خمس ساعات من الإرهاق والتعب والمشقة ، وهذا الزمن كفيل بأن يُنهِك المعلمة ؛ فلا تستطيع أداء عملها كما ينبغي ؛ فلا يمكن أن تُقارِن هذه المعلمة بمن تسكن إلى جوار المدرسة ، وتأتي في كامل نشاطها ؛ فتؤدي عملها بكل جِدٍّ وإخلاص. إن هذه المعاناة التي تطول غالبية المعلمات ، اللاتي يعملن في مدارس القرى والهجر ، يعلم بها كثير من المسؤولين في وزارة التربية والتعليم وإدارات التعليم في المناطق ، لكنها لم تجد الحل الذي يمنع عن هؤلاء المعلمات خطورة الذهاب والعودة لمقار أعمالهن ؛ فالحوادث شبه يومية ، والموت يطاردهن ، حتى أن بعضهن تكتب وصيتها قبل سفرها ؛ فالموت يتربص بهن في كل جزء من الطريق ، وارجعوا إلى إحصائيات حوادث المعلمات ، التي لا تخلو صحفنا من نشر أخبارها يومياً. لقد أصبح عمل المعلمة خارج محيط سكنها يشكِّل خطورة على حياتها ، وليس لديها حل لذلك ؛ فإما أن تقبل العمل بخطورته أو تبقى دون عمل ، ولن يتم توظيفها أبداً ؛ فأولوية العمل في المدارس القريبة لمن عملت مسبقاً في المدارس البعيدة ؛ حيث يتم نقلها حسب المفاضلة. وفي اعتقادي أن هناك حلاً لهذه المشكلة ، يتمثل في إقامة مجمعات سكنية صغيرة بجوار المدارس البعيدة ، تتوافر فيها جميع المتطلبات الخاصة بالمعلمات ، ومزوَّدة بحراسات أمنية ، وتقوم وزارة التربية والتعليم بإنشاء المباني ، ويُساهم في إقامتها رجال الأعمال ، بوصفها مشاريع استثمارية خيرية ، يتم تأجيرها للمعلمات بأسعار رمزية ، مشاركة من أصحاب رؤوس الأموال مع الوزارة في حل المشاكل التي تعترض المعلمات ؛ حيث تتم الاستفادة من العائد من الإيجارات في صيانة المباني والصرف على الخدمات من كهرباء وماء ورواتب حراس الأمن، وغير ذلك. إنني أتمنى من المسؤولين المعنيين بهذا الأمر أن يُعطوا هذا الموضوع أهمية كبيرة ؛ فالمعلمات أمانة في أعناقهم ؛ ويتحملون جانباً كبيراً من إثم ما يقعن فيه من حوادث ومعاناة. ------------------------------------------------- مدير مكتب صحيفة عكاظ بمحافظة الطائف (سابقاً) كاتب بصحيفة سبق الإلكترونية (حالياً).