كل الدول عبر التاريخ تضع نصب عينها راحة المواطن والطرق التي ممكن أن تتبعها من أجل الوصول إلى تلك الغاية وربما تقسيم القطاعات والخدمات التي تمس المواطن وتحفظ شكل الدولة وكيانها إلى وزارات هو الشكل الأكثر رواجا في الوقت الحالي للدول , حيث إن الدولة توكل مهمة كل وزارة إلى شخص يكون على قدر عالٍ من الثقة والمسؤولية من اجل تولي مهام الوزارة التي تم تكليفه بها , وتطورت سبل الراحة التي تحاول الوزارات أن تقدمها للمواطنين حتى وصلنا إلى عهد الحاسب الآلي واستخدامه في تذليل العقبات وهو ما يعرف لدى الناس بمسمى الحكومة الالكترونية , حيث أن هناك عدداً كبيراً من الوزارات والإدارات الحكومية بات يطلب من المواطنين تقديم أوراق معاملاتهم عن طريق الانترنت كما تم ربط الكثير من الدوائر الحكومية مع بعضها البعض عن طريق شبكة حاسب آلي ضخمة ورغم أن لفكرة الحكومة الالكترونية الكثير من المزايا إلا أنها أيضا لا تخلو من العيوب , فعبارة ( النظام معطل) هي أفضل حجة من الممكن أن يدلي بها الموظف في وجه أي مراجع يريد تقديم أوراقه أو إنهاء معاملته لديه , ولا أعلم ما الفائدة من تحويل الإدارة من ورقية إلى الكترونية إن كان المراجع سيسمع كلمة النظام معطل حتى قبل أن يلقي السلام على الموظف , كما أن من عيوب الحكومة الالكترونية هو أنها قد تتسبب في تعطيل المواطن في أكثر من إدارة بسبب خطأ أو نسيان الموظف لإدخال البيانات الخاصة بشخص ما وهو ما قد ينتج عنه خسائر كبيرة لبعض المراجعين بسبب ايقاف خدماته في أكثر من إدارة بسبب لا علاقة له فيه ناهيك عن حالة الكسل التي ستزرع في نفوس الموظفين والمراجعين جراء أن كل أمورهم اصبحت لا تحتاج أكثر من الضغط على بعض الحروف الموجودة على لوحة المفاتيح. ولكن إن أردنا فعلا تطبيق نظام الحكومة الالكترونية بالشكل المثالي فعلينا أولا أن نوفر التقنية المناسبة لذلك وأن نوفر أيضا الموظفين القادرين على التعامل مع تلك التقنية , ولكن البقاء على الوضع الحالي لن يجعلنا نطبق الحكومة الالكترونية بالشكل المطلوب ولن يجعلنا ايضا نستطيع أن نعود إلى ما الفينا عليه أباءنا وأجدادنا في التعامل بالمعاملات الورقية. والله من وراء القصد