يحتفل الإيرانيون هذه الأيام بمرور قرابة ثلث قرن على ثورة (الخميني) التي أطاحت بحكم الشاه ، وأقامت مكانه حكماً جمع بين (العمائم) المتسربلة في برج شاهق وبين (البنطلونات) في معمعة الواقع. وظل هذا الارتباط قوياً لا يتزعزع ، فالمصالح متبادلة والتنسيق متواصل وأستار التقية هي الطريق على كل حال ، ولربما كذب هذا على ذاك ، وذاك على هذا. ولا بد من الاعتراف بأن الثورة خدمت البلاد في أكثر من اتجاه قياساً بالحكم المستبد المنفرد في عهد الشاه ، فبات مؤسساتياً إلى حد كبير ، وتوسعت قدرات إيران الصناعية ، والعسكرية منها على وجه الخصوص. ولكن يظل الأساس واهن ، فهو قائم على دجل كبير وخداع مهين وانحياز تام للمصالح على حساب المبادئ. وفي كل تحركات إيران السياسية تشم رائحة (الطائفية) البغيضة. دعك من كل مزاعم دعم ثورات التحرير والحرية ونبذ الاستبداد والجور. باختصار تُعد إيران اليوم (خنجراً) مشهراً في صدر (المسلمين) يتجاوز كل محاولات توحيد الكلمة ورأب الصدع والتحام الجبهة. وكان لإيران موقف واضح مؤيد لثورة الشيعة على حكم السنّة في البحرين باعتبارها امتدادا لما حدث في تونس ومصر وليبيا. وقد ظهر ذلك على لسان كبار مسؤوليها، وعلى شاشات فضائياتها ومانشتات صحفها ، حتى انطلت الحيلة على كثير من أنصار الثورات في ربيعنا العربي المجيد. ولأن حبل الكذب قصير ، فقد ظهرت مواقف إيران المناقضة حين هبت ثورة الشهداء والصابرين والمرابطين في سوريا الشقيقة المجاهدة المرابطة ، وظهرت معها أنياب الضبع الإيراني البغيض. هو ضبع لأنه يقتات على أجساد الموتى من شهداء الثورة السورية الذين يسقطون بالعشرات ، وأحياناً بالمئات يومياً في مدن وقرى وأرياف سوريا. كل ذلك يجري بدعم مباشر من إيران وحليفها (حزب الله). واضح أن إيران لن تغير موقفها من البطش المروع الذي يمارسه النظام الطائفي في دمشق ، هي لن تفعل لأن كلا النظامين طائفي بغيض. من المؤلم فعلاً أن يكون نتاج الثورة الإيرانية بعد 33 عاماً هو هذا الضبع الإيراني المتلبس بألف لبوس ، ليس منه للصدق والثبات نصيب.