من السهل والسهل جدا أن يظهر الكاتب .. المحلل .. مع الناقد والخبير عبر وسائل الإعلام ليقول كل واحد من هؤلاء رأيه بكلمات يحدد إطارها النقد الجارح الذي يمر مرور الكرام دونما مساءلة ، لكن من الصعب والصعب جدا أن يخرج هؤلاء أو بعض منهم بعد هذا الظهور بما يمكن الاستناد إليه كحل لمشكلة أو كعلاج لأزمة. في إعلامنا اليوم نحن فئة نمارس الثرثرة ونجيد الانتقاد ، بل إننا في سياق هذا الأمر أصبحنا بارعين في تقديم ذواتنا على أننا خبراء نفهم في علم الإدارة ونفهم في علم النفس ونفهم في التدريب ونفهم في كل مجال حتى لو كان هذا الفهم بقوة الذراع واللسان لابقوة الخبرة والتخصص. من يسألنا عن أي شيء في المهارة في الخطة في أوراق المدربين في الممكن والمتاح وفي الصعب وفي المستحيل سريعا يجد الجواب ، والجواب هنا هو المعرفة .. المهم أن السائل عندما يطرح السؤال عن أي أمر يجد الجواب. كلمة لانعرف وعبارة أهل الاختصاص (أدرى) لم يعد لها مكان في قاموسنا ، والسبب أن كل واحد يريد أن يطير في (العجة) .. هكذا يريد ولا تسألوا لماذا لأن السؤال بماذا وكيف وفي قضية كهذه القضية أصبحت إجابته من تلك البديهيات التي يعرفها القاصي والداني ويدرك أبعادها كل من له علاقة بكرة القدم وعلومها. على الورق وعلى الفضائيات نتفلسف ونثرثر ونأخذ صفة (الأستاذية) .. لكننا برغم ما نتحدث به وعنه نغادر المكان مثلما يغادر الطالب من حصة الإنشاء والتعبير بعدما يضع ألف كلمة على هوامش السطور فلا تحمل المعنى ولا تلتصق بالمضمون بقدرما هي مجرد كلمات مرصوصة في سياق إنشاء بلا فائدة. الكل مدان والكل متهم .. والقارئ والمشاهد بين حالة الإدانة والاتهام بات ينشد الصالح الذي يقدم لذائقته الإضافة ، ما عدا هذا المطلب فالأزمة الحقيقية في تلك البرامج الحوارية التي تستهدف تقديم الإثارة عبر ضيف لايرى في الرياضة سوى التضاد والعدائية ، وعبر آخر عندما يفلس فكريا يوهم الناس بأنه أبوالعريف إما برفع الصوت وإما بالابتسامة الصفراء. ولكي أوجز المقدمة في عبارة واضحة أقول: الرياضة الوطنية تحتاج لمن يقدم لها رأيا مفيدا يختصر فيه مسافات البحث بحلول لمشاكلها وأزماتها أكثر من حاجتها لرأي متشنج ولسان متعصب ومعرفة مكسورة لاتستند إلى منطق ولاواقع ولاحقيقة. هذا ما نحتاج إليه كرياضيين ، وذاك هو ما تحتاج إليه الرياضة .. وإن بادرنا في البحث عن هذا الاحتجاج فمن الممكن أن نجد .. المهم أولا أن نملك القدرة على التمييز بين الغث والسمين ، لأن التمييز في زمن الطائرين (في العجة) يمثل أول الطريق لبناء إعلامي سليم يهتم بالثوابت ويقفز عن الهوامش ويقدم المصلحة العامة للرياضة ككل على حساب أي مصلحة تهم الذات أو تختص بالنادي. ختاما .. الليلة الهلال والنصر وما بينهما تنافس في الميدان وتنافس في المدرجات. الليلة أتوقعها هلالية قياسا بالفوارق .. وسلامتكم.