هو شخص موجود بيننا ، يرافقنا في حياتنا ، ونتعامل معه في يومنا ، يعشق التعصب المريض ، وينتهج التصلب البغيض ، حيث يسيطر بكلامه على كلام جلسائه ، ويملي على غيره مراده وتوهماته ؛ لا يسمع صوتاً ، ولا يقبل نقداً ، ولا يأخذ من أحد قولاً ، إذ يعتقد في صدق آرائه ، وصواب أفكاره ؛ وإن كانت على خطأ ، أو فيها الخطأ. إنه شخص تجده يميل إلى فرض ذاته ، والاعتداد برأيه ، والتعدي بالسيطرة على عقل غيره ؛ دون سند علمي، أو فهم منطقي ، ولكن بقصد إظهار القوة ، واجتذاب الضوء ، ولفت النظر ، وكسب الشهرة ، وإن استخدم في ذلك سلوك العناد ، وأساليب العنف ، ووسائل العدوان. إذا شاهدته فعلى ملامحه عبوس ، وفي حاجبيه تقطيب ، وفي عينيه حنق وضيق ، وأما مشاعره ففيها قلق واضطراب ، وشك ووسواس ، وعلى هيئته بشكل عام ؛ استعلاء وكبرياء ، وعجرفة وغرور. هو يعتقد أنه عالي الذكاء ، مرتفع الفهم ، عظيم القدرات ، متفوق على كل البشر ، بينما هو شخص قليل الفطنة ، ضعيف الحصافة ، بليد الكياسة ، تجده في صراع دائم مع من حوله ، حتى مع أقرب المقربين له ، ولذلك فهو منبوذ مرفوض وغير مرغوب ، فالخصائص العقلية لديه غير ناضجة ، والنواحي الانفعالية غير صحيحة ، والجوانب الاجتماعية غير سليمة. ربما حدثت له صدمات نفسية مؤلمة ، أو يعاني من صراعات شخصية ، أو تورمات وظيفية ، أو تضخمات اجتماعية ، لكنه -ولا شك- ضحية لأخطاء تربوية في الأسرة والمدرسة ، وضحية لحشوات عقلية ملوثة ؛ تغذيها مصادر معرفية مشوشة ؛ وهي التي تدفعه بقوة إلى الانغلاق على نفسه ، والعناد مع غيره ، والتصلب في تفكيره ، والتحيز لمحتوى أفكاره. وحتى لا يتحول صاحب الدماغ الناشف إلى أداة فساد وهدم ، وبوق إرباك وتشويش ؛ ينبغي تنبيهه إلى أهمية المرونة مع الآخرين ، باعتبارها قوة نفسية ، وصحة عقلية في الشخصية ، وهي لا تعد عند العقلاء هزيمة وضعف ، ولا قصور ونقص. ومن ابتلي بمجالسة مثل هذا الشخص ، فعليه التعامل معه بهدوء وموضوعية ، و إخراجه من فكره الجامد بعلم وروية ، وحكمة وعقلانية ، على أن يُعطى المساحة الكافية لبيان وجهة نظره ، وتقويم أفكاره ، ومراجعة حساباته ، مع امتداح إيجابياته ، وتجاهل عناده البسيط. كما يجب عليه أن يتعلم مهارات التعامل الراقي ، والانفعال الهادئ ، والحوار الناجح ، والنقد الهادف ، والتفكير السليم ، والسلوك المنضبط، ، وكل ما يجعله يستجيب للحق المبين ، والرأي الصحيح ، والنهج السليم ، والمنهج المستقيم.