هو شخص موجود بيننا، يرافقنا في حياتنا، ونتعامل معه في يومنا، يعشق التعصب المريض، وينتهج التصلب البغيض، حيث يسيطر بكلامه على كلام جلسائه، ويملي على غيره مراده وتوهماته ؛ لا يسمع صوتاً، ولا يقبل نقداً، ولا يأخذ من أحد قولاً، إذ يعتقد في صدق آرائه ، وصواب أفكاره ؛ وإن كانت على خطأ، أو فيها الخطأ. إنه شخص تجده يميل إلى فرض ذاته، والاعتداد برأيه، والتعدي بالسيطرة على عقل غيره؛ دون سند علمي، أو فهم منطقي ، ولكن بقصد إظهار القوة، واجتذاب الضوء، ولفت النظر، وكسب الشهرة، وإن استخدم في ذلك سلوك العناد، وأساليب العنف، ووسائل العدوان. إذا شاهدته فعلى ملامحه عبوس، وفي حاجبيه تقطيب، وفي عينيه حنق وضيق ، وأما مشاعره ففيها قلق واضطراب، وشك ووسواس ، وعلى هيئته بشكل عام ؛ استعلاء وكبرياء ، وعجرفة وغرور. هو يعتقد أنه عالي الذكاء، مرتفع الفهم، عظيم القدرات، متفوق على كل البشر، بينما هو شخص قليل الفطنة، ضعيف الحصافة ، بليد الكياسة، تجده في صراع دائم مع من حوله، حتى مع أقرب المقربين له، ولذلك فهو منبوذ مرفوض وغير مرغوب، فالخصائص العقلية لديه غير ناضجة، والنواحي الانفعالية غير صحيحة، والجوانب الاجتماعية غير سليمة. ربما حدثت له صدمات نفسية مؤلمة، أو يعاني من صراعات شخصية، أو تورمات وظيفية، أو تضخمات اجتماعية ، لكنه ولا شك ضحية لأخطاء تربوية في الأسرة والمدرسة، وضحية لحشوات عقلية ملوثة؛ تغذيها مصادر معرفية مشوشة؛ وهي التي تدفعه بقوة إلى الانغلاق على نفسه، والعناد مع غيره، والتصلب في تفكيره، والتحيز لمحتوى أفكاره. وحتى لا يتحول صاحب الدماغ الناشف إلى أداة فساد وهدم، وبوق إرباك وتشويش؛ ينبغي تنبيهه إلى أهمية المرونة مع الآخرين، باعتبارها قوة نفسية، وصحة عقلية في الشخصية، وهي لا تعد عند العقلاء هزيمة وضعف، ولا قصور ونقص. ومن ابتلي بمجالسة مثل هذا الشخص، فعليه التعامل معه بهدوء وموضوعية، و إخراجه من فكره الجامد بعلم وروية، وحكمة وعقلانية، على أن يُعطى المساحة الكافية لبيان وجهة نظره، وتقويم أفكاره، ومراجعة حساباته، مع امتداح إيجابياته، وتجاهل عناده البسيط. كما يجب عليه أن يتعلم مهارات التعامل الراقي، والانفعال الهادئ، والحوار الناجح، والنقد الهادف، والتفكير السليم، والسلوك المنضبط، ، وكل ما يجعله يستجيب للحق المبين، والرأي الصحيح ، والنهج السليم، والمنهج المستقيم. د.عبدالله سافر الغامدي جده.