طريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة. مثل قديم يتجدد باستمرار ، وهو يتجدد بقوة عند الحديث عن العشوائيات التي تزخر بها مدينة جدة. هذه الخطوة يرعاها سمو أمير منطقة مكةالمكرمة ، وهو من المتابعين لها باهتمام كبير. وتقول الدراسات البحثية والميدانية أن 16% من مساحة جدة تئن من وطأة العشوائيات التي تستضيف أكثر من مليون نسمة ، يعيش أغلبهم دون المتوسط في المال والحال. المشوار طويل ، والتكلفة باهظة ، وجزء من التكلفة المرتفعة ، إنما صنعناه بأيدينا عندما أغمضنا أعيننا لعقود متعاقبة عن حالة الاستمرار في التوسع العشوائي دون رقيب حازم صارم. كم من الوقت مضى وسيمضي قبل الشروع في إعادة تأهيل المنطقة الأولى ، وهي قصر خزام ، وما حولها ؟ وأما الثمن الذي يزداد ارتفاعا يوماً بعد يوم ، فهو نمو عدد السكان في هذه المناطق العشوائية بكل ما يتضمنه هذا النمو من انعكاسات على ارتفاع مؤشرات سلبية أخرى مثل الجريمة بأنواعها وإيواء المخالفين لأنظمة الإقامة وتراجع مستوى الشعور بالأمن لاعتبارات التركيبة السكانية غير المتجانسة. ومع كل الاهتمام الذي يوليه سمو الأمير للمشروع الحضاري الكبير ، إلا أن من الواضح أن العوائق أيضاً كبيرة بدءاً بالناحية الإجرائية بشقيها النظامي والإداري ، فنزع الملكيات وتعويض الملاك بعد التحقق من كل الأوراق والإثباتات ، ثم التفاوض مع الشركات المنفذة وترسية المشروعات على المؤسسات الفائزة. كل ذلك يستغرق وقتاً طويلاً. وإذا كان إنشاء جسر أو نفق في جدة يستغرق أحياناً ثلاث أو أربع سنوات. فكيف الحال بتخطيط وتنظيم وبناء حي بأكمله لنقله من عشوائية ضاربة إلى عالم جديد جميل وأنيق ومرتب ، فيه كل الخدمات الأساسية والبنى التحتية يستحق أن يكون حياً في العالم الأول فعلاً. واضح أيضاً أن جدولة المشروع بأكمله تبدو صعبة جدا في ظل هذه المتغيرات غير المحسوبة ، مع أن الأمل كبير في أن تكون في الانطلاقة الأولى وثبة تزيل كل العوائق بحكم الخبرات التي تراكمت من مشوار مشروع قصر خزام أو حي الرويس. اللهم هيئ لهذا المشروع الكبير نجاحاً لا يُحد ولا يُرد.