في مقالي لهذا الأسبوع سأذكر لكم موقف بسيط مر علي أثناء دراستي خارج المملكة وبالتحديد في أستراليا والموقف يحكي قصة مدينة عربية واكبت النهضة ونافست الكثير من المدن العالمية بل سبقت و تقدمت على العديد منها. نحن كطلاب سعوديون في الخارج غالباً ما نكون مشغولين بالدراسة وإكمال البحوث طوال الأسبوع و لا نجد متنفساً إلا في عطلة نهاية الأسبوع ، فنجتمع سويةً يومي الجمعة والسبت ونشغل وقت فراغنا ببعض الأنشطة والهوايات السعودية الخالصة ، ومن أهم تلك الهوايات الاحترافية والتي لاينافسنا عليها أحد !! (البلوت والبلاي ستيشن). وفي عطلة ٍ من عُطل نهاية الأسبوع توجهنا إلى أصدقائنا والذين يقطنون في حي سكني تكثر به الحانات حمانا الله وإياكم ، وبينما نحن في منتصف الليل ، إذ بالباب يطرق ولم نكن ننتظر أحداً حيث أن عدد الأصدقاء قد اكتمل فتوجه صاحب المنزل ليرى من وراء الباب ، وعندما فتح الباب فوجئنا بصوت امرأة كبيرة في السن ، لم نكن نعلم ماذا تريد ، فسألنا صديقنا فأخبرنا بأنها من سكان المبنى وتريد بعضاً من السكر. توجه صديقنا (الكريم) إلى المطبخ ليحضر السكر ، ودخلت المرأة وزوجها إلى مكان جلوسنا ، و بدون استئذان جلست وكان يبدو عليها وعلى زوجها علامات السكر. ما يهمنا في الأمر أنها بدأت تسألنا : - من أي بلد أنتم؟ - أجبناها : نحن من السعودية. - فقالت : ماذا؟ - كررنا عليها : نحن من السعودية. - فأشار علينا أحد الزملاء بأن نقول لها نحن من دبي. - و بالفعل قلنا لها : نحن من دبي. - فردت متعجبة : أووووو أرض الأحلام!!! ومع أن عقلها لم يكن معها في ذلك الوقت ، إلا أنها عرفت دبي ، ومن يجهلك يا مدينة الأحلام؟! في هذه اللحظة ، انتابني حزن شديد ولا أخفيكم إن قلت أنه في اللحظة ذاتها شعرت بشيء من السرور ، أما حزني فكان بسبب أني تذكرت جدة البائسة والتي لو أخبرنا أحد من العالمين بأننا من جدة ف (سيفحط) حتي يعرفها تلك العروس التي لم تفرح بزفافها تلك المدينة التي لا تكاد أن تتعافى من كارثة حتى تقع في أختها ، وأما عن سروري فكان ناتجاً عن شعوري بالفخر والاعتزاز بمدينة الأحلام دبي تلك المدينة المسلمة العربية التي عانقت السماء رقياً وتقدماً ونافست أهل الحضارة في حضارتهم وأبهرت العالم بمبانيها الشاهقة و منتجعاتها الرائقة و نظافتها الفائقة ، إنها فعلاً مدينة الأحلام. أما جدة الحزينة ، فلقد أبهرت العالم بتخطيطها الرديء ، وحيرت العالم بعدم امتلاكها شبكة صرف صحي ، و باحتواء أراضيها على بحيرة من المسك!! نعم إنها جدة ، المدينة التي تحتوي على الآلاف من الحفر والمطبات وكأنها ألغام منتشرة تلقف من يمر عليها من المشاة و الركبان .... فلله درك يا مدينة الألغام!!.