واستكمالا لمقال الأمس عن الزواج بالإكراه ومآلاته المنتهية بالطلاق غالبا ، أذكر أولا (عكاظ 5 مايو) بما ذكرته استشارية الطب النفسي الدكتورة منى الصواف عن سلبية علاقة الفتاة مع أهلها عندما يجبرونها على الزواج بمن لا تريد ، حيث تقوم بمقاطعتهم وعدم زيارتهم إطلاقا وعدم الحديث معهم كنوع من الانتقام ، وأحيانا يتحول الأمر إلى الخوف منهم. ومن الآثار السلبية النفسية على الفتاة المجبرة تقول الدكتورة منى: (تظهر على الفتاة علامات الخوف والقلق والمرض والصداع الدائم وتصاب بالاكتئاب والعزلة والاضطرابات الجسمانية ، وقد يقودها الاكتئاب والعزلة إلى محاولة إيذاء النفس والانتحار في بعض الأحيان). ومن أشد هذه العواقب سوءا نشوء علاقات عاطفية محرمة شرعا بين الزوجة المكرهة وآخر يلبي لها احتياجاتها العاطفية والجسدية ، خاصة إذا كان البعل (مراهقا) طاعنا في السن لا يكاد يفي بحقوقها الطبيعية الجسدية فضلاعن العاطفية والنفسية. ولاحظت الصواف أن العلاقة بين الزوجة المكرهة والرجل المصر عليها رغم كراهيتها له تتحول لعلاقة عدائية ، فيحاول الرجل أن يستخدم العنف الجسدي وتحاول المرأة أن تنتقم بالعنف اللفظي أو محاولة إيذاء زوجها أو قتله للتخلص منه رغم أن هذه الحالة نادرة الحدوث. وعندما تحدث هذه (الكوارث) المجتمعية المريعة، وينتهي الحال بالفتاة الضحية (جانية أو مجنيا عليها) إلى السجن ، تبدأ سلسلة القضايا والمحاكمات والدعاوى ، محاولين معالجة نواتج المرض لا المرض نفسه منذ بداياته الأولى حين أسلمنا أمر الفتاة المكرهة إلى ولي أمرها يقرر ما يشاء ويفعل ما يشاء ، وإلا العضل والعنف والزجر والعزلة. في نظري أنها فعلا حوادث مريعة ، لأن بإمكاننا بشئ من التشريع الحازم والنظرة الشاملة والتطبيق الفعال تجنب كل هذا الذي يجري تحت ستار من خصوصية البيوت وحرية الأسر وحقوق الآباء ، مع كل الإنكار الذي نمارسه علناً ضد عموميات المعضلة دون التشريع لبترها أو الحد منها. وأحسب أن البداية من لجان الإفتاء ومكاتب القضاء ومؤسسات حقوق الإنسان ومجلس الشورى ، مدعومة بميزانيات وآليات للتوعية الرشيدة للمجتمع بكل الجوانب الشرعية والتشريعية والإنسانية والحقوقية والجنائية. درهم وقاية خير من قنطار علاج!!