ليست الرياض لوحدها تعيش أيام الجنادرية واحتفالاتها ، بل جميع المناطق من شرقها إلى غربها ، ومن شمالها إلى جنوبها ، لأن للجنادرية التي بدأت منذ عام 1405ه - 1985 م ، وبإشراف مباشر من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز حفظه الله وبإشراف من جهاز الحرس الوطني السعودي مساهمة وطنية كبيرة في التقاء ثقافة وطن ، وإلغاء حواجز المناطقية ، واحتواء حساسية فئات مختلفة ، فأصبحت الجنادرية مساحة شاسعة وصدراً رحباً لجميع مناطق الوطن وبفئاته المختلفة رجالاً ونساء . ويكفي أننا لو استعرضنا تطور مشاركات المناطق بهذه التظاهرة الوطنية ، سنلمس ذلك الانطلاق الذي انطلق من رحم سباق الهجن (الإبل) إلى تنوع محلي شامل لجميع أنواع الثقافات ، والتقاء حضاري لكثير من المثقفين من داخل الوطن وخارجه ، حيث تجاوزت الجنادرية بصورها التراثية من صرير (السواني) إلى ذلك الاحتفال الغنائي الوطني بلوحاته المناطقية التراثية وأهازيجه الشعبية ، فأصبحت مسؤولية الجنادرية أعظم من مشاركات تراثية مختلفة على مستوى الوطن الواحد إلى دورها في النقلة النوعية الثقافية لجميع أنحاء العالم قائمة على أهداف مهمة منها (توسيع الدائرة من الاهتمام بالتراث المحلي فقط إلى مشاركة أوسع تتناول تخصصات واهتمامات الناس اليومية) فأصبحت أبواب الجنادرية مفتوحة لجميع القطاعات الحكومية والخاصة بهدف فتح المجال للإشادة بجميع الخدمات التي تقدم للمواطن وتسعى لتحقيق سبل الراحة له . ولا ننسى تلك المشاركات النسائية من مختلف المناطق التي لم تتردد في إثبات وجودها الثقافي بمختلف مستوياته ، وإصرارهن على قطع المسافات سواء جواً أو براً حتى الوصول لأرض الجنادرية لإبراز جمال تراث مناطقهن لأكبر دليل على أن هذه التظاهرة ألغت حتى الفوارق بين الجنسين من أجل سمو ثقافة وطن ! وساهمت هذه المناسبة الوطنية في خلق روح التنافس الشريف بين الجهات التي ترعى المنتجات المحلية ، وساهمت في ازدياد نسبة الإبداع والمبادرة لدى جميع الموهوبين ومحبي الحرف المهنية والفنون الشعبية رجالاً ونساء على مستوى المناطق ، فهذا الالتقاء المتنوع مابين الماضي والحاضر يحتاج إلى جهة ترعاه طوال أيام السنة وتساهم في تقنين تلك المشاركات مع الجهات الحكومية التي قد تغفل عن مشاركة كثير من الإبداعات لديها بسبب الروتين والمركزية وسوء التعاملات الإدارية فيما بينها وبين القطاعات الأخرى ! فانطلاق اهتمامات الجنادرية من حيز تشجيع التراث الشعبي فقط إلى نشر الثقافة المحلية والعربية والحرص على نشر ثقافة الحوار بين مختلف الفئات التي كانت تعيش شبه عزلة في الحوار مع الآخر، وراضية بل وراغبة بتلك الحواجز المناطقية ، والسعي لمحاربة التمييز القبلي من خلال وجود قرية شعبية لكنها أصبحت بمرور السنوات قرية عالمية بتجمعها الحضاري الفريد على مساحات رملية شاسعة ، ماهو إلا دليل تاريخي يقدم لنا وللأجيال القادمة تميز إنجاز وطني يرعاه جهاز أمني هام بالبلاد ويوثقه في سجلات الإنجاز الوطني . ولابد أن يحرص الجميع على تشريفه وعلو شأنه داخلياً وخارجياً . وسأختم كلامي هذا بتعريف من لا يعرف معنى (الجنادرية) والتي يرددها الكثير لكن لا يعلمون أن المعنى المعجمي للجندرة ليس بغريب عن فكرة المهرجان فجندر الكتاب: أمر القلم على ما درس منه ليتبين وجندر الثوب أعاد وشيه بعد ذهابه ! وهناك معنى أفضل ألا وهو (الخيمة الشعبية) .