يقول أحدهم بازدراء -والمشكلة أنه يحمل شهادة الدكتوراه- لأحد الشباب : مشكلتكم أيها الشباب أنكم تستقون معلوماتكم من الإنترنت!! ويقول آخر (هذه فتاوى الإنترنت)!! كما يقول ثالث (هذه مجرد ثقافة إنترنتية ضحلة)!!.. هكذا يقولون بكل تعميم ، ودون تفصيل!! ويضيف الأخير بكل استغراب وتقزز : (هذه الأخبار مستقاة من مراحيض الإنترنت المشبوهة)!! لقد أصبحت الشبكة العنكبوتية بشكل عام مظنة للتمرد والشائعات والدسائس ، وغير ذلك من الصفات القبيحة، ورُميت بأسوأ الألفاظ، ووُصفت بأقبح الصفات .. لماذا يُصرّ البعض على الاستمرار في التنكر لهذا الاكتشاف العظيم والتوجس منه؟! لقد كسرت الإنترنت الكثير من الحواجز ، واختصرت المسافة والوقت ، وحملت عن ظهورنا الكثير من الأعباء ، وجعلت من مستخدمها إنساناً عالمياً ؛ فبعد أن كان مُعلّم التربية الإسلامية مفتياً في مدرسته وإمام المسجد مرجعية لمذهب قريته وعطار الحي استشارياً طبياً لمن حوله وقنوات المعلومات المختلفة أضيق من سم الخياط أصبحنا بفضل الإنترنت نستفتي أكبر العلماء ونستشير كبار الأطباء ونحصل على ما نريده من المعلومات والاستشارات التي تمس كل جوانب الحياة دون بذل جهد كبير!! تكمن المشكلة إذن في أن وسائل الاتصال الحديثة كالجوال والقنوات الفضائية والإنترنت داهمتنا دون سابق إنذار ، في حين ظل وعينا متأخراً في تعاطيه معها ؛ ما جعل مجتمعنا يدفع فاتورة باهظة الثمن في سبيل التكيف مع هذه الوسائل. ولقد كان لهذا التأخر في الوعي آثاره الأمنية والاجتماعية والاقتصادية الخطيرة . لقد حان الوقت أن نبرمج أنفسنا ونروضها على التعامل بشكل أكثر جدية مع هذا المخترع المتجدد والمتطور بشكل سريع (الإنترنت) ، ومع غيره من الوسائل الحديثة {يا يحيى خذ الكتاب بقوة}. ولا شك أن تعليمنا وإعلامنا يتحملان المسؤولية الكبرى في هذا الشأن، وبات عليهما أن يأخذا بيد المجتمع، وأن يهيآه لكل جديد قادم ، هذا إذا كنا جادين بشأن رغبتنا في الانتقال إلى مجتمع معرفي ، يأخذ بالجديد المفيد بدلاً من لعنه والتشكيك فيه!!