الحمد لله على ما حبانا به من نعم وخصنا به من خير في مملكة الإنسانية، حكومة تحكم بشرع الله في ظل خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني، وشعب يعرف الله حق معرفته ويعبد الله كما يجب أن يعبد، يعمل بكتاب الله وسنة رسوله الكريم الذي لا ينطق عن الهوى، الآمر بصلة الأرحام لما يترتب على ذلك من حسن التواصل بين الأهل والأقارب فتسود الود والألفة والمودة والرحمة أفراد المجتمع، وهو ما رأيته بأم عيني في إحدى المناسبات الاجتماعية السعيدة في هذا البلد الأمين، فبالأمس القريب تلقيت دعوة لحضور زواج المهندس مشعل نجل الدكتور إبراهيم البطحي وكيل أمانة منطقة الرياض من كريمة الدكتور علي الصانع، وذلك بقاعة بريدة بفندق الإنتركنتننتال ذلك الزواج المبارك الذي حضره نخبة من وجوه المجتمع والأقارب الذي توافدوا من كل حدب وصوب لمشاركة العائلتين فرحتهما الغامرة بهذه المناسبة السعيدة، وأول ما شد انتباهي هو استقبال الدكتور البطحي للمدعوين والأقارب بابتسامته الدائمة وبشاشته المعهودة، وما ساد الفرح من حبور وسرور، فرحة ما بعدها فرحة، فقد رقصت القلوب فرحا وطمأنينة، صورة من التلاحم والتآخي بعثت في نفسي الأمل في أن يظل هذا المجتمع على العهد وفياً ومخلصاً لله ولرسوله ما طال الزمن، فما أروع ما رأيت من المودة والرحمة وحرارة اللقاء بين الأهل والأصدقاء، وشتان بين المجتمع الذي تسوده المودة والرحمة ومجتمع ممرق لا يعرف صلة الرحم ومودة الجار والصديق، تراهم كالغرباء، وقد لا يلتقون إلا نادراً أو في المناسبات، آنستهم الدنيا أنفسهم فهل يذكرون الأهل والأقارب والأصدقاء، فأين هم من القرآن والسنة النبوية المشرفة، قد يقول البعض إن إيقاع الحياة المتسارع هو السبب في هذه الشقة والفجوة في العلاقات الأسرية والإنسانية، وقد يقول آخرون إن صعوبة العيش وانشغالهم بأمور الدنيا هما السبب في ذلك، ولا أجد في ذلك رداً شافياً لتساؤلاتي وتأملي سوى التقصير، فشتان بين إنسان يؤدي واجبه وآخر مقصر، والكل مسؤول عن إصلاح النفس وإصلاح ذات البين، فصلاح المجتمع يبدأ بصلاح أفراده وحسن تعاملهم وتمسكهم بالعادات والتقاليد الإسلامية الصححية، فالإسلام دين الحياة ودين كل المجتمعات عبر العصور، وما أحوج المرء أن يجد بجواره جاراً أو صديقا أو قريباً في الأفراح والأتراح بشد أزره ويواسيه ويضمد جراحه أو يشاركه الفرحة ولو على سبيل المجاملة، أما القطيعة فهي من الأنانية والكراهية وتولد الأحقاد في الأنفس فينهار المجتمع حيث يعيش كل فرد أو جماعة في عزلة عن الآخرين رغم وجوده بينهم فيما يشبه الجزر المعزولة عن بعضها البعض، ويوما بعد يوم تتباعد المسافات الزمنية وترى تلك العلاقات الإنسانية قد غشاها الظلام أو علاها التراب. فإلى مثل تلك المجتمعات أقول: هلموا إلى جمع شتات الشمل قبل فوات الأوان، ولا تفرقوا كل حزب بما لديهم فرحون، وتذكروا نعمة الله عليكم إذ جعلكم إخواناً، فكلكم لآدم وآدم من تراب، وحذاري أن تجف ينابيع المحبة ويعلوها التراب، واذكروا نعمة الله عليكم ولا تنسوا حقوق ذوي القربى والأهل والجيران والأصدقاء. قال صلى الله عليه وسلم (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وسنتي، فلا تكونوا للكتاب والسنة ناسين أو مضيعين)، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (1) سورة النساء، وصلة الأرحام كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم توسع في الرزق وتطيل العمر.