كثير من المنظومات الإعلامية تسعى لرفع مستوى مخرجات المحتوى المحلي لتصديره؛ ليسهم ذلك في استقطاب المستثمرين، الذين يبحثون عن بيئة إعلامية تسابق زمنها؛ لينتج استدامة مالية للقطاع؛ الذي ينعكس على القطاعات الأخرى المتكاملة معه. ومنظومة الإعلام السعودية تطورت، وتأثيراتها تحاكي المستقبل فقد توسع قطاع الإعلام ليشمل كل ما هو مرئي ومسموع ومقروء ليشمل مجالات جديدة وعديدة في قطاع الإعلام، وأصبح سوق الإعلام السعودي تتوفر فيه جميع الشركات الإعلامية السعودية والأجنبية بمختلف أحجامها ومجالاتها، مما جعلت من المحتوى المحلي في نمو متصاعد. ونستعرض بعض الأرقام حيث يقدر حجم قطاع الإعلام ب 23 مليار ريال ومساهمته في الاقتصاد السعودي ما نسبته 0.5 %، ومرشح أن يصل للرقم 50 مليار ريال بعد عام 2030م وهذا ما يلامس1 % من الاقتصاد، أي كما هي نسبة الإعلام الأمريكي من الاقتصاد الأمريكي، ومتوقع خلال العشرة سنوات القادمة أن يعاد تشكل الإعلام العالمي؛ وتنتهي مرحلة التداخل بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد، وتتكون مرحلة جديدة أطلق عليها مرحلة الحداثة الإعلامية، ويكون هناك خط لوسائل إعلام تقليدية ثابتة بمحتوى مقنن، وهنالك وسائل إعلام حديثة ومستجدة وتتشكل بتسارع مع كل جيل، ومن أهم معالم المرحلة الجديدة تنافسية المنظمات الإعلامية في معيارين: المخرجات واحترافية الكوادر. لهذا يمر سوق الإعلام السعودي بفترة متجانسة ومتداخلة ما بين الصعود والتحول في آن واحد، ترجمتها معدلات الطلب العالي للمحتوى المحلي؛ وتطور حوكمة القطاع والبيئة التنظيمية المواكبة للتحول، وكذلك توفر بيئة تقنية حديثة، واستقطاب كفاءات متميزة ونمو للكادر السعودي الشاب، وبنية تحتية إعلامية معاصرة. أهمها التقنية الحديثة التي هي روح الإعلام ولدينا أهم ثلاثة ركائز في ذلك: وهي تقنية الجيل الخامس التي تجاوزت تغطيتها للسعودية ما نسبته 80 %، والحوسبة السحابية وتقدر حجمها الحالي لكافة مراكز البيانات ب 350 ميجاوات ومتوقع أن تصل للرقم 900 ميجاوات في عام 2030م، علماً بأن جوجل تمتلك أكبر حوسبة سحابية بالعالم، وتقدر ب3500 ميجاوات. أما الركيزة الثالثة فهي الذكاء الاصطناعي ومقدر مساهمتها في الاقتصاد السعودي ما قيمته 500 مليار ريال، ما بعد عام 2030م، ومن أهم روافدها قطاع الإعلام، وتكاملهم معاً ينتج اقتصاديات الإعلام الذكي، مما يجعله سوق قوي، لما تمتلكه المنظومة الإعلامية السعودية لجميع القواعد الكاملة التي تقوم عليه اقتصاديات الإعلام الذكي. هذا التحول الإعلامي في السعودية ونموه سوف ينعكس على مجالات أخرى، منها جودة الحياة التي تتكامل مع المنظومة الإعلامية لتنتج مخرجات بمحتوى محلي يرفع القيمة المضافة للمجالين. وبالتالي تساهم المشاريع والأحداث العالمية الضخمة في السعودية خلال العقد القادم من الفرص الاستثمارية بحيث تشمل الشركات الإعلامية بمختلف أحجامها لمواكبة هذه النقلة؛ لينتج محتوى محلي واستدامة مالية وتطور القطاع الإعلامي وتصدير مخرجاته. مما يخلق للقطاع الإعلامي طفرات أكثر من غيره، لتميزه بمجالات وتفرعات كثيرة عبر أكثر من مرحلة، ليجعل تكاملية الشركات فيما بينها أمر حتمي وعوائد كمية وكيفية متراكمة تنعكس على الجميع، وهذا من أهم مؤشرات لنجاح الاستثمار في القطاع الإعلامي سواء كان لشركات صغيرة أو متوسطة أو كبيرة. لذا لن تقتصر عوائد الاستثمار بقطاع الإعلام في السعودية على فترة محددة، وإنما نحن أمام عقد إعلامي تحولي تأسيسي لقاعدة مستدامة لعقود قادمة، ونصيب قطاع الإعلام من الاقتصاد السعودي في نمو متصاعد، ويتميز قطاع الإعلام في ارتباطه وتأثيره معالقطاعات الأخرى كما هو قطاع السياحة؛ فعوائده غير المباشرة تخلق فرص استثماريه أخرى.