تمور صحفنا بين الفينة والأخرى بمقالات تنبع من نزاهة وحرص الكتاب على مناقشة قضية إنسانية ، أو حل إشكالية عالقة ترسبت بفعل التهميش أو عدم وجود الحلول المناسبة. ولكن هذا في عين الوقت يكرس مفهوم ثقافة الاستجداء في حقوق يفترض أن تكون مشروعة ، أو واجبات قد تتراخى بعض الجهات المعنية والمختصة عن منحها لمن يستحقها. وفي المشهد الثقافي ، نفجع بين اليوم والآخر بوفاة شاعر أو كاتب أو فنان ، يكون أفنى سني عمره في الكتابة والاحتراق اليومي ، يجوب أرجاء العالم حاملا اسم الوطن في المحافل العربية والعالمية ، ثم يعود منعزلا محبطا من تهميش الإعلام والجهات الثقافية التي تستخدمه كرمز إعلامي وتتفاخر به كمبدع وطني ، ثم تتركه وأسرته عرضة للحاجة والديون المتراكمة على كاهله وعلى أولاده من بعد رحيله. والأسماء التي تعتبر كشواهد على هذه الحالات كثيرة ليس آخرها حالة الشاعر الكبير محمد الثبيتي الذي تعاني أسرته من تراكم إيجار المنزل الذي يسكنونه ، ومن متطلبات أخرى لا تخفى عن الجميع. فلماذا لا تتبنى وزارة الثقافة والإعلام صندوقا خاصاً بالأدباء يعين أعضاؤه بالانتخاب ، ويدعم من الوزارة ومن رجال الأعمال المهتمين بالثقافة والإبداع ومن المثقفين بدون استثناء ، وتكون له أنظمة تؤطر حاجة المبدع أو المثقف؟! ومن خلاله تحل كل إشكالاته المادية بعد الوقوف على وضعه الأسري والإنساني. إن حملات التعاطف التي يقوم بها الأصدقاء هنا وهناك على صفحات النت -مثلا- ليست إلا جهودا وقتية قد تنجح وقد تفشل مع أول عقبة أو مشكلة تواجههم ، وهي جهود إنسانية نبيلة ورائعة ، ولكن الموضوع يحتاج إلى تنظيم ودعم حكومي ، لذلك لا حل إلا بإنشاء مثل هذا الصندوق الذي يشرف عليه ثقات يتم ترشيحهم وانتخابهم من قبل المهتمين بأمور الثقافة بكافة أطيافها وأجناسها. فهل تتبنى وزارة الثقافة والإعلام ، كونها جهة نظامية ورقابية ، مثل هذا المشروع العظيم الذي سوف يغني عن ذل السؤال ويقضي على ثقافة الاستجداء؟! ويكفي.