في الوقت الذي كان فيه منتخبنا يخوض مباراته الهامة والمصيرية أمام الأردن كنت أتأمل بعجب كيف أن كثيراً من الشباب ومحبي كرة القدم منصرفون عن متابعة هذه المباراة ، وبعضهم تابع الجزء الأول من اللقاء ثم انهمك في اهتمامات أخرى ولسان حاله يقول هذا المنتخب ليس بالمنتخب الكفء لكي أتابعه وأتحمس له وأشجعه وأضيع الوقت من أجله ربما عطفاً على خسارتنا الثانية أمام الأردن بهدف وضياع آمال مزعومة كان الشارع الرياضي مخدوعاً بها وبمن يروج بأن المنتخب سيحقق البطولة للمرة الرابعة ، ترى لماذا قلت الحماسة والمتابعة الحميمة للمنتخب عن ذي قبل؟ .. من المؤكد أن السبب الأول يتمحور في النتائج السلبية التي شهدتها مشاركات المنتخب خلال السنوات الأخيرة مروراً بمرحلة الإقصاء من التأهل لنهائيات كأس العالم الأخيرة إلى ضياع كأس الخليج ثم استهلال كأس آسيا الحالية بخسارتين متتاليتين أمام سوريا والأردن قبل ملاقاة اليابان الاثنين المقبل وتوديع البطولة مبكراً وبالتالي فإن المشاركة الآسيوية التي كنا نتفاءل بها في السابق حتى هي تبخرت ملامحها وأصبحنا نعيش على أوهام البطولة وخداع عقولنا بأن الجيل الحالي يماثل نجوم الذهب والإنجازات إلى أن اكتشفنا الحقيقة المرة بأن هناك أيضا من ساهم في خداعنا طوال هذه المدة بأن منتخبنا قادر بهذه العناصر على مواصلة الإنجازات التي فقدناها برحيل نجوم الكرة الحقيقيين الذين كانت لهم صولات وجولات في ميادين المنازلات ، والسبب الثاني يكمن فيما تحفل به منافسات الكرة السعودية وأنديتها من مشاكل ومشاحنات وتجاذب بينها وبين اتحاد الكرة وبينها وبين بعضها في كثير من القضايا ، وفقدان نكهة المنافسة القوية التي كانت في السابق تثمر نجوماً ساطعين أقوياء ، ثم يأتي بعد ذلك مسلسل تبادل الكراسي بين المدربين الأجانب و(ابن المنتخب البار) ناصر الجوهر دون أن نعرف لمنتخبنا خلال الفترة الماضية هوية تدريبية أو نهجاً فنياً واضحاً وشخصية داخل الملعب من جراء التغيير المستمر حتى وإن كان بيسيرو غير مقنع خلال سنتين لمن يرونه كذلك وهي قناعة مشابهة للقناعات التي قادتنا للاستغناء عن المدرب الناجح البرازيلي أنجوس على سبيل المثال أو غيره من المدربين الذين كانت لهم بصمة ثم أصبحوا فجأة شماعات العثرات أو الخروج من البطولات ، ثم يأتي السبب المعنوي المتمثل في فقدان الشارع الرياضي للثقة في المنتخب من جراء الأسباب السابقة مجتمعة وبالتالي الانصراف عن متابعة المنتخب. خرجنا من البطولة الآسيوية الحالية في قطر بطريقة مذلة وغادرنا من أوسع الأبواب وتتسع مع هذه المغادرة مساحة الأسئلة العريضة : متى سنعود ، وعلى يد من ، وهل الفكر الكروي الحالي السائد سيعيد صياغة الكرة لدينا بما يكفل لها العودة القوية لتسنم هرم القارة من جديد؟ أصبحنا نتلقى الهزائم من سوريا والأردن وفي المستقبل القريب ربما الدور على منتخبات أضعف في المستوى فلا تتعجبوا إذن من العلاقة الضعيفة بين جماهيرنا الرياضية والمنتخب فأين هو المنتخب الجدير بالثقة؟.