كان الافتتاح صبيحة يوم الثلاثاء 17-11-1431ه في القاعة الكبرى في معرض الشارقة التي تم الافتتاح فيها، وما أقيم بعده في الأيام الأخرى من محاضرات وأمسيات وندوات. افتتح المعرض حاكم الشارقة سمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي بكلمة عن تاريخ المعرض على مدى تسعة وعشرين عاماً، وعن اهتمامه بالأدب والفكر والثقافة، ثم وقع على النسخة الأولى من كتابه الجديد (حديث الذاكرة) وهو كتاب يحتوي على معلومات تاريخية موثقة بالصور عن كثير من الأحداث السياسية التي عايشها المؤلف داخل الإمارات وخارجها، وكأنما هو استكمال للمعلومات التي تضَّمنها كتابه السابق الصادر في المعرض العام المنصرم بعنوان (سرد الذات). وهذه الكتب المتعلّقة بذكريات الحكام، وكبار الأدباء والمفكرين، ورجال الأعمال جديرة بالقراءة لما فيها من التجارب التي يستفيد منها القارئ وإن كان جانب التركيز على الإيجابيات فيها هو الغالب. وقد وزِّعت في المعرض جوائز متعددة سلَّمها حاكم الشارقة للفائزين، ثم تم افتتاح المعرض والجولة في قاعاته الأربع وأجنحة دور النشر فيها، وهي دور كثيرة عربية وأجنبية. كانت أمسيتي الشعرية في المعرض في مساء يوم الافتتاح بعد صلاة العشاء، وهي أوَّل نشاط يبدأ به النشاط الثقافي في المعرض، وقد أسعدني بحضورها سمو ولي عهد الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، مبِّلغاً إليَّ سلام الحاكم وأنَّ سفره خارج البلاد قد حاول دون حضوره الأمسية، وهذه من مزايا سمو حاكم الشارقة التي تسجَّل له، فهو حريص على حضور بعض الندوات والأمسيات، وقد أسعدني - قبل ثلاث سنوات- بحضور أمسيتي الشعرية كاملة متابعاً متفاعلاً معلِّقاً على بعض ما تضمَّنته القصائد من موضوعات وقضايا وأحاسيس. في جولة سريعة قمت بها في أجنحة المعرض قبل إجراء لقاء تلفازي مباشر معي بعد مغرب يوم الأربعاء اليوم الثاني من أيام المعرض، التقيت ببعض الأدباء والمثقفين العرب لقاءات سريعة مقتضبة وكنَّا نتبادل أطراف الأحاديث المختصرة عن الثقافة العربية الإسلامية، وعن تأثير الشعر في رسم معالمها، ولم يكن اختلاف وجهات النظر مع بعضهم خافياً، بل كان صارخاً أحياناً، فأحدهم وهو لبناني فرنسي قال لي: حضرتُ أمسيتك البارحة، فشعرتُ بأنك في شعرك ترسم خطَّاً بيانياً واضحاً جداً يهدف إلى إشباع ذهن المتلقي وروحه وعاطفته بمعاني إسلامية عربية، وقد تابعت هذا الخط بصورة دقيقة في جميع قصائدك التي ألقيتها سواء أكانت عاطفية وجدانية، أم اجتماعية، أم سياسية، فأحسست أنك ترسم أمامي دائرة شعرية مليئة بمعاني الإسلام وأخلاقه مع وجود التلُّون الفني الواضح في مزاوجتك بين القصيدة التفعيلية والعمودية، وبين البحور الشعرية المختلفة، ثم سكت، فقلت له: هذا وصف أشكرك عليه، لكنك لم تذكر رأيك في هذا؟ قال أنا متشبِّع بالثقافة الفرنسية حتى النّخاع، فلست من الميَّالين إلى أي فكرة دينية، لكنني أقدِّر أصحاب المبادئ الذين يؤمنون بها، ولا يتوانون عن طرحها بأساليب مختلفة، ويقدمونها وهم واثقون، ومبتسمون أيضاً. ولم يسمح لي الوقت أنْ أوجِّه إليه بعض الأسئلة ولكنني قلت له وأنا أودِّعه: دين الإسلام هو الدين الحقّ الذي يكتنف حياة الناس من جوانبها كلِّها ويفتح أمامهم أبواب التقدُّم والتطوُّر النافع الواعي القائم على العلم والمعرفة من جانب، وعلى العدل والإنصاف من جانب آخر، ولو أنَّ أهله حملوه إلى الدنيا بثقة ووعي وبصيرة لكان لهم في العالم شأن عظيم. قال: الوقت لا يسمح بالحور، وكان يرى أحد الإخوة يجر بيدي للذهاب إلى موقع اللقاء التلفازي في المعرض. في معرض الشارقة رأيت ثقافات متعدِّدة، وأفكاراً متباينة، وحركة ثقافية ممتازة، علماً بأنَّ وفاة الشيخ صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة قد حالت دون إقامة بعض الندوات والمحاضرات. شكراً لحاكم الشارقة وولي عهده ولجميع القائمين على المعرض الذين أتاحوا لنا فرص اللقاء بعددٍ من الناشرين والأدباء والمفكرين. إشارة: صوتي لصوتك يا قلبي الحنون صدى=فاهتف بلحن الرِّضا واجعل أساك فِدَى