كان الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني ( رحمه الله ) ، كثيراً ما يردد في دروسه ومحاضراته ، وبعض كتبه ، وينصح طلابه ، بوجوب الاهتمام بمنهج التصفية والتربية؛ يؤكد بأنه المنهج الأجدى لمواجهة الواقع الإسلامي ، وتصحيح المفاهيم. هذه التصفية هي تنقية الدين وتصفيته مما ألصق به من الشوائب والأهواء ، وهو لا يمت له بصلة ، وتصحيح المفاهيم وتصويبها ، حتى يكون الفهم إسلامياً خالصاً ؛ والمنهج سليماً ، والعمل صالحاً ؛ ولن يكون ذلك إلا بالمراجعة والبحث والمناقشة والرجوع إلى الراسخين من أهل العلم ، لتوضيح المعضلات ، والإشكالات العقدية والفقهية والحديثية ؛ ثم الأمر الآخر هو تربية المسلمين على الإسلام الحق الذي تدل عليه نصوص الكتاب والسنة. كم نحن بحاجة اليوم إلى برامج شرعية ؛ إعلامية ، تحاكي برنامج “همومنا “ الذي تبثه القناة الأولى في التلفزيون السعودي كل يوم جمعة ، ويستضيف الشيخ الدكتور عبدالعزيز الحميدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى ؛ ليفند مزاعم الفكر الخارجي الإرهابي ، ويكشف شبهه وزيفه ، ويرد على ضلالاته ؛ برد علمي مؤصل ، ينطلق من معطيات وفهم السلف ، جالياً النظر إلى المنهج القويم في التعاطي مع نصوص الشريعة ، وفهم كلام أهل العلم ؛ كاشفاً إغفال خوارج العصر للمحكمات واتباعهم للمتشابهات ، ومحذراً من باطلهم ؛ في طروحات فكرية علمية ، تتسم بالموضوعية والقوة والعمق ، ونقاش مستفيض لكتبهم المليئة بالانحرافات والأخطاء ، يتحدث بعلم غزير ، وتأصيل علمي ، مستنداً إلى فهم السلف الصالح رضوان الله عليهم. أعتقد أننا بحاجة ماسة إلى مثل هذا البرنامج الذي حاز قصب السبق والريادة ؛ والذي حقق نجاحات في الرد على الفكر الضال ، وتحذير الشباب من الانخداع بباطلهم. وفي نظري أن الدكتور عبدالعزيز الحميدي ، بذل جهداً كبيراً في تتبع هذه الكتب والرسائل للرد عليها ، وقد مكنته خلفيته العلمية والتخصص وكونه باحثاً أكاديمياً من مناقشة الأدلة باستفاضة وتفصيل. لكن ثمة احتياج إلى برامج أخرى مماثلة ، سواء في المساجد أو الجامعات أو المدارس أو مراكز الأحياء وغيرها ، تحصيناً لشبابنا ، وحماية لوطننا ، وبياناً للحق ، وكشفاً للباطل. والحقيقة أن كل علمائنا الأجلاء قادرون بعون الله تعالى على مجابهة هذا الفكر المنحرف شرعياً وفكرياً ، وهم يقومون بدور قوي ومحوري ، في محاربة خوارج العصر ، الذين غرروا ببعض الشباب ، وجعلوهم دمى تلعب بهم أطرافاً خارجية ، تستخدم الدين بعد تحريف نصوصه ، لتحقيق أهداف دنيئة ، والمأمول أن تتضافر الجهود لمحاربة هذا المنهج الضال.