تعتبر مهنة القضاء أسمى وأهم المهن الحكومية في جميع دول العالم , ويرجع سبب تلك الأهمية إلى المسؤولية العظيمة الملقاة على عاتق القضاة لأن مهمتهم تقتضي بطبيعة الحال أن يبحثوا عن الحقيقة وينصفوا بها المظلوم ويعاقبوا بها الظالم. ومهمة القضاة ليست بالأمر السهل أو الاعتيادي الذي يستطيع أي شخص القيام بها فالقاضي تمر عليه العديد من الشخصيات والوجوه والطبائع ويجد في أوقات كثيرة صعوبة بالغة في إصدار حكمه خشية أن يظلم طرفاً على حساب الطرف الآخر, وتأكيدا على أهمية الدور الذي يلعبه القضاة في المجتمع فقد منحت الدولة للقاضي الكثير من الامتيازات المهنية والمالية بالإضافة إلى نوع من الحصانة الدبلوماسية التي يتمتع بها القضاة والتي تدخل في نفوس أفراد المجتمع الهيبة والاحترام للسلك القضائي , بالإضافة إلى أن حكومتنا الرشيدة كرست مبدأ استقلال السلطة القضائية عن بقية السلطات التشريعية والتنفيذية وهو ما يبين أن الدولة اعتنت بشكل فائق بالقاضي حتى يستطيع أداء مهمته على أكمل وجه. وعلى الرغم من تلك الامتيازات الكبيرة التي يحظى بها القضاة في بلادنا , إلا إنه طرأ على السطح في وقتنا الحاضر قصة أثارت بعض الريبة لدى قلة من أفراد المجتمع وهي قصة قاضي المدينة المتهم بالفساد المالي والإداري . ولكن بغض النظر عن مدى جدية الاتهام الموجه إلى قاضي المدينة من عدمه إلا أنه من الخطأ الجسيم أن نقوم بالتعميم واتهام سلك القضاء بأكمله بالفساد, فالسلطة القضائية في المملكة تعد واحدة من أقوى وأصلح الجهات التي تمثل الدولة, وعن نفسي فقد سبق لي المرافعة لأكثر من ثلاثين عاما أمام المحاكم الشرعية والمدنية والتجارية في أكثر من منطقة مختلفة داخل المملكة وخارجها وللأمانة فإن خلاصة ما خرجت به من تلك التجربة الطويلة هي أن القضاة في المملكة يمتلكون من النزاهة والحياد مالا يمتلكه الكثير من القضاة في دول أخرى أتمنى من البعض أن لا يجعل من خطأ واحد من القضاة ذريعة وحجة للتمادي والتهجم على نزاهة القضاة في بلادنا, فالقضاة كانوا وسيبقوا رمزاً للعراقة والنزاهة, وهذا ما نريده من أي شخص يتولى سلطة الفصل بين الناس. والله من وراء القصد،،