في سابقة هي الأولى من نوعها، لجأ قضاة مغاربة إلى "الفيسبوك" للمطالبة بإصلاح جهاز القضاء وإبعاد وزير العدل من المجلس الأعلى للقضاء والحد من نفوذه. وتماشيا مع موجات الاحتجاج التي انطلقت في المغرب، ودول عربية أخرى، من "الفيسبوك"، اختار حوالي 150 قاضيا مغربيا هذا الموقع الاجتماعي للتعبير عن آرائهم ومطالبهم المهنية وإسماع صوتهم. وأسس هؤلاء القضاة صفحة على "الفيسبوك" ونشروا عليها ورقة تحت عنوان "النص الدستوري" قالوا إنهم يريدون من خلالها المساهمة في النقاش الدائر في البلاد منذ فترة حول ضرورة إجراء تعديلات دستورية عميقة. وأوضح القضاة في هذه الورقة أن "التغييرات المجتمعية والمؤسساتية التي يعرفها المغرب في الآونة الحالية تجعلنا نحن القضاة عازمين على إسماع صوتنا في التعديلات الدستورية التي تهم السلطة القضائية". وفي حين طالب قضاة بإرجاع زملاء لهم كانوا فُصلوا من سلك القضاة لاعتبارات قيل إنها مهنية بينما دفعوا بأن السبب الحقيقي أنهم وقفوا ضد لوبيات الفساد في هذا الجهاز، أكد آخرون على أن نقطة بداية إصلاح القضاء في المغرب هو إبعاد وزير العدل من المجلس الأعلى للقضاء ونبذ سياسة التعليمات. واعتبر هؤلاء القضاة أن تمثيلية المجلس الأعلى للقضاء الحالي ناقصة ومنحازة لتصورات وزير العدل، كما طالبوا بإشراك المجتمع في تسيير الشأن القضائي تفاديا لأي تحكم أو تسلط في حال وجود مكوّن واحد كما في المجلس الأعلى الحالي. وبخصوص التركيبة التي يقترحونها للمجلس الأعلى للقضاء، طالب هؤلاء القضاة بأن يكون نصف أعضاء المجلس من قضاة منتخبين دون قيود والنصف الآخر من المنظمات الحقوقية والشخصيات القانونية المشهود لها بالنزاهة والكفاءة العلمية وممثلين منتخبين من السلطة التشريعية. ويشار إلى أن إصلاح القضاء واستقلاله كان في صلب المطالب التي رُفعت خلال احتجاجات حركة "شباب 20 فبراير". غير أن العاهل المغربي كان قبل ذلك، وفي مناسبات متفرقة، أكد على ضرورة إصلاح هذا الجهاز. وقد عين خلال حكومة التناوب الأولى، التي قادها نهاية التسيعينيات الاشتراكي عبد الرحمان اليوسفي، زميل الأخير في الحزب الراحل محمد بوزوبع والذي لم يُوفق في إعادة هيكلة هذا الجهاز وإصلاحه، ليحل محله اشتراكي آخر (عبد الواحد الراضي) والذي لم ينجح أيضا في عملية الإصلاح، ما سيدفع العاهل المغربي إلى تعيين وزير العدل الحالي محمد الطيب الناصري (مستقل) بتاريخ 4 يناير 2010.