تصريحات بعض المسؤولين في بلادنا تثير الشفقة أحيانًا، وتثير «الدغدغة» أحيانًا حد القهقهة. وتلك محمدة للمسؤول، فالضحك في معظم أيامنا نادر وعزيز، مع أنه يقاوم النكد، ويريح النفس، ويطيل العمر. أمّا الأمثلة فكثيرة، وسأسوق واحدة منها لا غير. خذوا مثلاً تصريح ذلك المسؤول الكبير في المؤسسة العامة للخطوط الحديدية، الذي أفتى -جزاه الله خيرًا- بأن حوادث القطارات في المملكة لا تزيد كثيرًا عن مثيلاتها في أوروبا. وعليه فلِمَ الشكوى من تدهور مستوى السلامة على خطوطنا الحديدية التي تضاهي أوروبا في كل شيء، مع استثناء بسيط جدًّا، وهو العدد لا غير، فلدينا في المملكة -ما شاء الله تبارك الله- خط واحد -ذهابًا وإيابًا- هو الرياض - الدمام - الأحساء. وأمّا أوروبا الخايبة، فلها شبكة، بل شبكات من القطارات الداخلية، والخارجية، والعادية، والسريعة تصل مئات المدن يوميًّا داخل أوروبا من أقصاها إلى أقصاها.. من المدينة للقرية، ومن المطار إلى المركز، ومن الدولة للدولة الأخرى. بالمختصر المفيد لو حُسبت عدد الكيلومترات التي تقطعها قطارات أوروبا لزادت بسهولة عن ألف ضعف ما يقطعه قطارنا العزيز متهاديًا في صحراء (مفهاش حد)، ومع ذلك لا يستطيع تفادي حوادث مضحكة، فيقتل مرة ناقة، ومرة إنسانًا، ومرة نصف دستة من البشر. أضحك الله سنّك أيُّها المسؤول بمقارناتك الرائعة، ويا ليتنا نزداد علمًا، فنقارن مثلاً بين الدخل الهائل الذي تجنونه مقارنة بالموارد الهايفة التي تجنيها قطارات أوروبا. أمّا النكتة الثانية من وحي القطارات، فالمقارنة الرائعة بين قطار المشاعر وقطارات أوروبا أيضًا، وليس مصر، أو دبي مثلاً، أو حتى الصين التي جلبنا منها قطار المشاعر المبجّل، لكن مع أوروبا حتة واحدة، فلنا الصدر ولغيرنا القبر. أمّا الأخرى المضحكة التي تجمع قطاري المشاعر والصحراء، فمقارنة بسيطة بين قطار المشاعر الذي يبلغ طول مساره 18 كم، وكلّف 6500 مليون ريال، في حين تنفذ المؤسسة العامة حاليًّا خطًّا جديدًا موازيًا للخط الحالي بطول 300 كم، وتكلفة 650 مليون ريال، أي بعشر تكلفة قطار المشاعر. فعلاً أشياء تضّحك.. وكمان تزعل!!