مجال الرياضة لا يختلف عن أي مجال آخر فالناجح يخسر , حتى ولو قدم من العمل المنظم ما يكفي لبناء تاريخ وليس مرحلة في الأخير لن يجني سوى التعب . عقود مضت ونحن نمارس بحق الأعمال الناجحة وأصحابها أبشع صور النقد هكذا لمجرد أن غوغائية الكلام المكتوب مع غوغائية الصوت المرتفع هي من يكسب فالجمهور وعلى طريقة إخواننا المصريين عاوز كدا. عقود مضت ونحن نكسر مجاديف الناجحين نتهم .. ندين .. نقرع .. نصرخ إلى درجة أننا مع كل هذا العبث النقدي المتواصل لم نعد قادرين على أن نخضع مخيلتنا لاختبارات قسرية من شأنها أن تمحو تلك التصورات التي نحاول بها استشراق الغد ونتائجه . خسر الهلال فعلقت المشانق ولم تزل تعلق وكل هذا لمجرد خسارة عابرة هي من ثوابت كرة القدم فالمدرب الذي صنع النجاح بات فاشلا والإدارة التي أوجدت كل الفوارق تحولت من دائرة التفوق إلى دائرة الإخفاق هكذا ببساطة طالما أن هرم النقد على الورق وهرم النقد على الفضاء بات مشرعا لكل من هب ودب. هل ما حدث للهلال يستحق كل هذا التهويل وإذا ما سلمنا جدلا بهذا هل من الإنصاف أن تطمس كل تلك النجاحات الإدارية والفنية بجرة قلم لا يفرق صاحبه بين المبتدأ والخبر ؟ سؤال أجد نفسي مرغمة على التعاطي من خلال إبعاده كون القضية هنا ليست قضية الهلال وإنما قضية فكر قاصر يتعامل مع المعطيات ولكن بمنظور الخسارة والفوز لا بمنظور العمل والاحترافية . هاهو الهلال قد يدخل النفق المظلم مثله مثل النصر والأهلي والبقية، أقول هاهو الهلال قد يدخل هذا النفق في وقت تسيدت فيه العاطفة وأضحت بمعانيها عذرا يتمسك به الناجحون لكي يغادروا هذا المجال والابتعاد عنه على غرار ما أقدم عليه الأمير محمد العبدالله الفيصل في الماضي وعلى غرار ما أقدم عليه الأمير عبد الرحمن بن مساعد حاليا. مشكلة أن تدفع من حر مالك وتضحي بوقتك وصحتك وفي الأخير تجد كل هذا في (سلة المهملات ) لمجرد خسارة في مباراة أو إخفاق في مناسبة أو لعنة حظ وصافرة في حدث، أقول مشكلة ولم أقل أكثر منها لكي لا أصبح خصما آخر لفئة هوايتها دوما مخالفة المألوف يقول محمود درويش حين تسير ولا تجد الحلم يمشي أمامك كالظل يصفر قلبك وكم من ناجح حاول أن يسير باحثا عن أحلامه لكنه لم يجد في مركب السير إلا كلمات وعبارات أدمت العين وأحرقت الأعصاب وأصابت القلب بالاصفرار . من المؤكد أن للإعلام الحق في أن يقول ما يراه حتى ولو كان مخالفا لرغبات هؤلاء الذين تطوعوا لخدمة الرياضة فمن بديهيات الإعلام النقد، أعني النقد بمفهومه الصحيح أما عكس هذا فالنقد الذي يستغل سلطته الممنوحة للتشويه وقلب الحقائق والتجاوزات يجب أن يردع ليس إنصافا لهؤلاء الذين جاءوا للرياضة من باب التطوع وإنما وهنا المهم من أجل المحافظة على هيبة الإعلام وهيبة مجال يجب أن تصبح فيه الكلمة المكتوبة مفهوما للتنوير والتطوير والتثقيف . الأمير عبد الرحمن بن مساعد قدم للرياضة السعودية قبل الهلال فكرا نيرا وعملا تطويريا رائعا وأسلوبا تثقيفيا عنوانه الإبداع فلماذا نصادر كل هذه الأشياء الجميلة بجرة قلم ؟ سؤال كبير لم يكن الأول ولن يصبح الأخير طالما أن رؤيتنا مرهونة للفوز ومرهونة للخسارة وسلامتكم!!