وهذا على ما يبدو شاب في مقتبل عمره يعاني مرارة الألم وقسوة الحياة وجوْر الأب، يصف نفسه بأنه غريب في الوطن يعيش رحلة قاسية مؤلمة أسماها (رحلة الاستجداء). السؤال بداية عن هذه الرحلة لا يجيب عنه إلاّ أبناء المطلقات في بلدي، فهم يحفظونه عن ظهر قلب. إنها بالنسبة له رحلة مضنية حفرت في أعماق قلبه وقلوب إخوته أخاديد عميقة. هو يسأل باختصار: هل يُعقل أن استجدي والدي كي ألتحق بالجامعة؟ هل يُعقل أن استجدي والدي من أجل تزويج أخواتي؟ هل يُعقل أن استجدي والدي من أجل شهادة تطعيمات أخي الأصغر؟ هل يُعقل أن استجدي والدي للحصول على النفقة؟ هل يُعقل أن استجدي والدي ليسمح بسفري وإخوتي مع والدتي؟ هو يغيب عنَّا شهورًا، يمر العيد تلو العيد لم نسمع صوته حتى كدنا ننسى ملامح وجهه! هل يُعقل أن استجدي والدي في حقوقي التي كفلتها الشريعة لي؟ هل يُعقل ألّا أجد في بلاد الحرمين أحدًا من الأقارب يستطيع أن يقول لوالدي: ما تفعله حرام ولا يجوز؟ أين نحن من موقف عمر عندما اشتكى أب عقوق ابنه، وعندما سأل الابن أجابه يا أمير المؤمنين إن أبي قد سمّاني بكذا وكان اسمًا قبيحًا، فالتفت عمر إلى أبيه مغضبًا وقال له: لقد عققته قبل أن يعقّك!! وأما النصائح التي أقرأها في الجرائد فمضحكة بعضها: قالوا لي اذهب إلى حقوق الإنسان، فذهبت وليتني لم أذهب: اسم أكبر من فعل، رحلتهم طويلة، وسلطتهم ضعيفة. المؤلم أنه سيضيع مستقبل جيل كامل من أبناء المطلقات، وهن اليوم يمثلن نسبة مرتفعة بسبب تعنت الآباء وظلمهم، يشاركهم في الظلم كل متفرج لا يقول الحق وينهى عن هذا الظلم. لقد بدأت أحقد على من حولي، ممن أراهم يرون الظلم ويرفضون قول الحق خوفًا وتجنبًا للمشاكل. السؤال الأخير: إذا كان الأبناء لدى الأم، والأب قد تزوّج وأصبح له حياة أخرى، فلماذا تُربط حياتهم وقراراتهم المصيرية بيَد الأب؟ الجواب حتمًا لدى القادرين على تغيير هذا الواقع الأسود المظلم، فليفعلوا رجاء!!