هل شوارعنا لأطفالنا أم لسياراتنا، لم نعد نفرق، بل اختلط علينا الأمر أرأيتم شوارع تمتلئ أولادا قد اتخذوا من طرقات السيارات مرتعا لهم، رأوها خصبة فجعلوها حدائق يوم عزت عليهم وتحولت الدروب الخطرة ساحات يتطارد فيها فلذات الأكباد، ويلعبون بها، أفهم أبرياء أم أشقياء أم نحن في حقهم غير أسوياء، ألهم آباء يرحمون أم أمهات مشفقات. كيف لوالديهم أن يهنأوا بعيش ومنام وهم لا يرونهم أمام أعينهم بل كيف لنفسك أن تهدأ وطفلك في وجوه السيارات يهدهد الكرة. ألهم حقوق ترعى لا تستغربوا غدا إذا انحرفوا أو عقوا والديهم . جاء رجل إلى عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يشتكي ابنه ويقول :إنه عقني فقال عمر للابن: أما تخاف الله في عقوق والدك فقال الابن: يا أمير المؤمنين أما للابن حق على والده قال عمر: حقه على والده أن يستنجب أمه ويحسن اسمه ويعلمه كتاب ربه، قال الابن: يا أمير المؤمنين والله ما استنجب أمي فهي أمة مشتراة ولا أحسن اسمي فقد سماني جعلا وما علمني من كتاب الله حرفا، فالتفت عمر رضي الله عنه للرجل وقال: لقد عققته قبل أن يعقك. أولئك الأطفال فلذات الأكباد، بهم أقسم الله: «ووالد وما ولد» ولأهلهم هم رياحين الحياة وقرة عيون الوالدين وزينة الحياة الدنيا: «المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا». كفل الإسلام حقوقهم وضمن لهم حياة طاهرة آمنة وألزم آباءهم بتأمين كل ما يحفظ لهم صحتهم وعقولهم وعواطفهم ويرقى بهم في مراحل الحياة سعداء آمنين مهيئين للعمل قادرين على المشاركة مع أفراد المجتمع في كل ما يعود على الإنسانية بالخير والنماء متسلحين بأعلى وسائل الاقتدار . إن الأولاد أعظم منتج يصنعه الآباء فبهم يواصلون أعمال الخير وفيهم يقدمون للمجتمع سواعد البناء «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من.. ولد صالح يدعو له» وهم أضمن مشروع يحقق للأمة أهدافها ويؤمن مستقبلها المشرق ويعلي من شأنها في تنافس الحضارات. هذا الطفل له حقوق أكد عليها الإسلام منها: 1- حقه قبل ولادته في حسن اختيار والديه والحرص على نجابته وتجنيبه أمراض الوراثة «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» وقال صلى الله عليه وسلم «تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» 2- حقه في الحياة وحماية الجنين و تحريم إجهاضه والعناية بصحته ونظافته منذ ولادته كحلق شعر رأسه وختانه ليتخلص مما به أدى ومرض وحق إرضاعه وإتمام رضاعته ليحصل على المناعة ويشعر بالدفء والحنان وليتكون جسدة وتقوى عاطفته ثم حضانته ورعايته: «ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا» 3- حقه في التعليم والتدريب وكسب المهارات «مروهم للصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع»وليس الأمر لمجرد الصلاة بل ليبدأ التدرب على تحمل المسؤولية ويحس بالوقت وسطوته ويحرص على اغتنام دقائقه لإنجاز أعماله: «ياغلام احفظ الله يحفظك» «سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك» 4- إعلان حريته بالأذان والإقامة في أذنيه وأن لايدين إلا لمولاه عز وجل. 5- الاحتفال بمولده وتسميته بأحسن الأسماء. 6- تقبيلهم وملاعبتهم وإدخال السرور عليهم فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يدع الحسن والحسين يركبان على ظهره وهو يصلي، وقبلهم عليه الصلاة والسلام في حضرة الأقرع بن حابس التميمي الذي استغرب هذا التعامل مع أطفال صغار فقال الأقرع بن حابس: إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحدا منهم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «من لا يرحم لا يرحم له» فبين له الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يفتقد الرحمة بالأطفال حيث إن تقبيلهم يشحنهم بالعاطفة مما يقوي ثقتهم. 7- حقهم في التعليم الشرعي لتسلم قلوبهم: «يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا» وتعليمهم مهنة يمارسون من خلالها مهاراتهم وصقل مواهبهم وتقويم ألسنتهم بحفظ القرآن والشعر لتفصح لغتهم «علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل» كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم عبد الله بن عباس رضي الله عنه ويرغبه في معالي الأمور «ياغلام احفظ الله يحفظك» وكما يقول الشاعر: وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه لكن ربما حاد الطفل عن الدرب وترك الجادة إلى الملتويات فيصبح حسرة على من رباه والعياذ بالله قال الشاعر: فيا عجبا لمن ربيت طفلا ألقمه بأطراف البنان أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني وكم علمته نظم القوافي فلما قال قافية هجاني أعلمه الفتوة كل وقت فلما طر شاربه جفاني [email protected]