في مناسبة سابقة هذا العام، أهاب الرئيس باراك أوباما بأفراد الشعب الأمريكي الانخراط في برامج للخدمات الإنسانية التي ترعاها بلديات المدن، غير تلك المعتاد عليها عبر مئات الألوف من الجمعيات الخيرية المنتشرة في تلك البلاد. ولم تذهب صيحة الرئيس في واد سحيق، بل استجابت له مئة مدينة من أحجام مختلفة، فالخدمات التطوعية التي يقدمها هؤلاء المتطوعون لإدارات المدن ستوفر عليها مئات الملايين من الدولارات خاصة في ظل العجز الكبير الذي تُعاني منه لأسباب كثيرة من أهمها الأزمة المالية العاصفة التي أدت إلى انخفاض ملحوظ في عوائد الضرائب التي تشكل ميزانيات الولايات والمدن. ولأهمية تنظيم العمل قدمت مؤسستان خيريتان كبيرتان منحا لعشر مدن منها فيلادلفيا وناشفيل ولوس انجلوس. وبلغت قيمة المنحة لكل مدينة 200 ألف دولار، خُصصت لتوظيف رئيس تنفيذي لمدة عامين بهدف إدارة هذه الحملات الكبيرة. وفي السابق كانت مدينة نيويورك (الأكبر في الولاياتالمتحدة)، إذ قاد العمدة بنفسه حملات تشجيع المواطنين على الخدمة، لإدراكه عجز المدينة عن تغطية تكاليفها. ومن أمثلة ذلك تدريب 5600 شخص على عملية الانعاش القلبي الرئوي CPR، وكذلك الإشراف على 700 برنامج للتخسيس في إحدى الضواحي التي يكثر فيها البدناء. أما في ناشفيل، فقد ساهم أكثر من 17000 متطوع في مساعدة ضحايا الفيضانات التي ضربت المدينة في مايو الماضي بصورة غير مسبوقة في تاريخ المدينة. وقد وصف العمدة أداء هؤلاء بأنه عمل تعجز الحكومة عن تنفيذه بهذه السرعة والدقة والجودة. هذه السلسلة من (المدن المقدمة للخدمة) تشكل نموذجًا متطورًا للعمل التطوعي في الولاياتالمتحدة التي تُعد رائدة في هذا المجال. ولعل بيروقراطياتنا العتيدة تتعلم من هذه الدروس المجانية، فتعترف أولا بقصور خدماتها مهما بذلت، وبضعف أدائها مهما قالت، وبقلة حيلتها مهما حاولت! إلى متى يُترجم كل عمل إلى ريالات ودولارات في حين يقبع في المجتمع عشرات الألوف ممن يتشوقون (ودون مقابل) إلى خدمة محتاج أو إغاثة ملهوف أو مساعدة عاجز..؟! افتحوا النوافذ يا جماعة واتركوا التردد جانبًا، وتوكلوا على الله!!