للصيف عند العرب حكايات وقصص وعلامات.. حتى في أمثالهم يقولون.. الصيف ضيعت اللبن.. ليس مهما معرفة الأبعاد البنفسجية لهذا المثل.. أو الأبعاد (المودمانية).. ولا حتى الأقحوانية.. واضح صيفا وشتاء.. لا يرصد أهمية البقر في حياتهم.. لكنه يعطي ملامح في ظلام النفس الصيفي.. نقي وشفاف.. يشبه لحاء العقول العربية.. هل سمعتم عن صيف ليس بالصيف؟! *يتميز صيف العرب بالغبار المتطاير المهاجر.. وبالأتربة والرمال المتحركة.. يشبه أهله العرب.. يحملون مشاعر متضاربة ومتناقضة.. لكن ما الصيف؟!.. سؤال بارد رغم سخونة المقصد. *الصيف مناخ يحدد زمن الإقلاع إلى أجواء خاصة.. بهدف متغير ومتجدد.. بأسلوب واضح.. لخوض غمار ملامح هذه الأجواء.. بحجج لها جذور. *في الصيف تقوى الحرارة.. وتكون الإجازات.. ليس للطلاب وحدهم.. لكن لجميع الموظفين.. بعضهم في إجازة مستمرة.. كجزء من العمل والوظيفة.. هؤلاء صيفهم مستمر.. مثل نساء العرب.. تهانينا على طول صبرهم وعلى انجازاتهم. *بجانب حرارة الجو.. هناك أكثر من حرارة.. تنتشر في كل زوايا الروح العربية.. بعضها لا يطاق.. بعضها يمكن تجرعه.. بعضهم يكتوي بنارها وهو سعيد. *العرب يملكون خاصية تجاوز (الصيوف) بسلام.. يمتصون الصيف ويمصهم برشاقة حيوان الخفاش في الظلام.. عملية لا تختلف عن نظام التصوير الضوئي.. يعطون أشياء ويأخذون أخرى. *صيف العرب مستمر ليلا ونهارا.. دون مراقبة.. دون تدخل للسيطرة.. هذا يعطي التميز على مستوى المناخ العالمي المتصدع بالظلم والطغيان.. لا تهم الجودة.. ولا النتائج.. صيف لا ينتهي.. حتى عندما يقاس بدرجات حرارة النفوس. *هناك قياسات.. لجميع أنواع الحرارة السائدة في الأجواء العربية.. تبدأ بدرجات حرارة السياسات التي لا نفقه منها إلا الاسم.. تخيفنا بمؤشراتها.. وبتنوعها.. وبتعريفاتها.. وبنتائجها.. تنتهي بمشاكل قضم الأظافر في البيت.. لا تسأل لماذا؟!.. كلكم من فرسان عشق المعنى المتبّل. *للصيف عند العرب شأن وذكريات.. وفي تاريخ الصيف القريب.. تم اجتياح الكويت بجحافل عسكرية عربية للتنزه العربي.. ثم طلع علينا (صدام).. متفقدا درجة حرارة جنوده.. في خنادق التطلع التي دقوها في رمال الكويت.. ذهب (صدام) في صيف عربي قاس.. وقبلها تراجع بعض جنوده إلى العراق.. ابتلعت حرارة الانسحاب أكثرهم.. بقي من الغزو أجواؤه الملتهبة على أسطح شاشات (التلفزة).. وخنادق الصحف. *بقي الأيتام والضحايا.. بقي الفقر والمعاناة.. بقي رموز الذل والخنوع.. بقي الجوع والتاريخ المؤلم لتلك النزهة.. بقيت ذكريات صفارات الإنذار.. والكمامات التي غطت (الخشوم) العربية الشماء.. بقيت ذكريات لها جذور موجعة.. بقي النقاش مستمرا.. مع الأصيل وغير الأصيل.. بقيت قوانين (البدون) العربية.. بقيت زحمة الترقب وأزماتها المتفجرة.. خاصة عندما نستجر ذكرياتنا مع إعلانات زوال الخطر.. الذي لم ولن يزول.. كما ترون كلها (حرارات) شديدة. *في الصيف ترتفع أرقام الفواتير على الناس أجمعين.. ويظل فقراء العرب أكثر الناس تأثرا بالفواتير.. فقراء العرب أكثرية.. لا ينتهون.. هناك (أكشاك) التفريخ.. مهمتها إنتاج الفقراء.. لزيادة لهيب الحياة والمعاناة.. ونشر نشوة فرح وبهرجة الأغنياء والأثرياء.. ولأنهم أقلية، يصبحون أكثر سعادة.. لهم أن يفرحوا.. أصبحوا خارج مقابر الفقر.. هذا يساعد في تفعيلة التباهي عندهم بتجاهل الفقراء. *وحتى العالم ينتظر صيف العرب بفارغ الصبر.. هناك دول لا ترتفع حرارة أسهمها إلا في الصيف.. حيث يتم خلع كل شيء.. باستثناء النظارة الشمسية على العيون العسلية.. وأيضا يتم المحافظة على بقاء الأسنان العربية في تلك الدول.. لها وظائف أخرى مفيدة تدر ثروات هائلة. *في الصيف تختلف بحار العالم عن البحار العربية.. تصبح بحار العالم أكثر إغراء وجذبا.. تصبح عارية إلا من البشر.. ولكي تزيد مساحة حرارة الصيف، يعمل العربي على تغطيس نفسه في بحارها. يتملح قبل الشواء الحراري الأخير. *الأهم في الصيف هو التغيير.. يبدأون بروح جامحة.. وينهون الصيف بروح أخرى جامحة في شعاب جديدة.. كل شيء يتغير.. النفوس.. الملابس.. (الشنط).. ولون الشعر.. وأشياء أخرى.. مكروها ذكرها. *تصبح النوايا الصيفية حسنة عند العرب.. تعتمد على درجة حرارة التصديق والخبرات التراكمية السابقة.. تعطي مدلولا للون ونوع معدن الشخص.. النوايا توضح مقدار تحمل العرب درجات حرارة سباق البهدلة العالمي.. سباق ينفض قيما ومبادئ قائمة.. ويبني قيما ومبادئ جديدة مختلفة. *أخيرا.. يواصلون بقية عامهم في سرد تاريخ صيف مر عليهم.. مع انتظار تاريخ صيف جديد قادم.. وهكذا حياة العرب.