يأتي رمضان هذه السنة في فصل الصيف حيث ترتفع درجات الحرارة أثناء النهار الى أرقام غير مسبوقة وهي فرصة للصائمين لكسب المزيد من الأجر والثواب بل ان تسمية رمضان جاءت من الرمض وهو اشتداد الحر لانهم لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها فوافق هذا الشهر ايام رمض الحر. وكان أسلافنا يصومون رمضان في صيوف حارة مثل صيفنا الحالي ولم تكن تتوفر لهم المكيفات ولا الثلاجات ولا الاطعمة الفاخرة بل كانوا يصومون النهار الحار الطويل ثم يفطرون على تمرات وما تيسر من الطعام ومع ذلك يحيون ليل رمضان بطوله بالصلاة والدعاء وتلاوة القرآن. كما ياتي رمضان هذه السنة في فصل الاجازة المدرسية مما يشجع الكسالى على السهر طول الليل والنوم طول النهار مما يتنافي مع الحكمة من شهر الصيام. وأنا لا أدري كيف تحول الجيل الحالي من العرب الى ادمان التكييف حتى ان بعضهم يشتكى بشدة لو ارتفعت درجة الحرارة قليلا , وقد وصف احد الاخوة المصريين خطر ادمان العرب للتكييف بقوله :الخواجات مش محتاجين الغاز السام عشان يموتونا دول لوقطعوا عنا غاز الفريون كنا متنا من الحر . ولابد للانسان ان يتعلم الخشونة وشظف العيش وان يعود نفسه على مشقات الحياة والعرب يقولون في امثالهم : من تعرض للمصاعب ثبت للمصائب . واتذكر انني وابناء جيلي لم نعرف التكييف حتى وصلنا المرحلة الثانوية ولم نكن نشتكي مطلقا من الحر والقر وكنا ننام في الصيف في السطح المكشوف رغم رطوبة جو جدة التي تجعل الفراش مبلولا في الصباح وكانما انسكبت عليه قربة ماء. هذا ونحن نرى العمال الآسويين وهم يعملون في مشاريع الكباري والانفاق بجدة في درجات مرتفعة من الحرارة ومع ذلك لا نراهم يتوقفون عن العمل كما نرى عمال كوريا والصين الذين لايعرفون الحر في بلادهم وهم مستمرون في العمل رغم الحر الشديد بينما نتفرج عليهم نحن من شباك السيارة المكيفة مما يفسر لنا : لماذا تقدم الصينيون والكوريون وتأخر العرب. هذا ومن نعم الله على الانسان قضاء رمضان بالمملكة حيث لا ترى مفطرا ولا مدخنا وحيث تمتلىء المساجد بالمصلين كما يتفجر الخير من قلوب السعوديين في رمضان فتنتشر الموائد المجانية للصائمين في أغلب المساجد وتكثر الصدقات على الفقراء والمساكين ثم هذه النعمة العظيمة في سهولة الاعتمار في رمضان وأداء صلاة التراويح بالمسجد الحرام في أمن وطمانينة حيث ينتاب المسلم شعور لايمكن وصفه بالكلمات. تقبل الله منا ومن جميع المسلمين الصيام والقيام وحفظ الله لنا بلادنا السعودية في أمن وقوة ورخاء وحفظ لنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز واخوته الكرام وأطال الله أعمارهم في صحة وعافية .