بعد أن أصبح لقب الشيخ مشاعًا يطلق أحيانًا على العالم الفقيه وأحيانًا أخرى على رجل الأعمال وأحيانًا أخرى يطلق على بعض الحكام أو من في سلسلتهم، أما أحيانًا فيطلق على زعيم القبيلة أو قد يطلق أحيانًا على بعض الأفراد العاديين للتزلف وفي أحيان قليلة يطلق على كبير السن وهو الأكثر صحة وتأصيلاً كونه مستمداً من القرآن الكريم كما ورد في قوله تعالى ( وأبونا شيخ كبير) القصص آية 23. ودرءًا لذلك الخلط فسيكون حديثنا موجهًا إلى المقصود بهم علماء الفقه وهم أفراد نجلهم ونقدرهم ونحبهم كونهم الأكثر إلمامًا بعلوم الشريعة على وجه العموم وعلوم الفقه على وجه الخصوص لذا نراهم القادرين على درء المفاسد بشتى صورها ومساربها الاخلاقي منها والإداري والمالي انطلاقاً من طبيعة التكليف الموكل اليهم دون تخصيص من قبل ربنا سبحانه وتعالى في قوله: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) فاطر آية28. فهم من يخشون الله حق خشيته كونهم الاكثر علماً ومعرفة بحدود الله وفرائضه وأوامره ونواهيه وهم الاقدر على اخراج الحق من الباطل في كافة المعاملات الحياتية وخاصة فيما يتعلق بأمور الشريعة واحكامها. ومن هذا المنطلق اصبحنا ننظر إلى شيوخنا الافاضل وفقهم الله نظرة مسؤولية مباشرة عن محاربة الفساد بشتى صوره والوانه ولعل من اوكل اليهم الأمر على وجه التخصيص من قبل الحاكم هم الاكثر مسؤولية والاكثر حملاً لتلك الامانة العظيمة، فهم من جمع بين تكليف العموم وتكليف الخصوص ولعلي هنا اطرح امامهم تساؤلاً عريضاً يتسع باتساع هذا الوطن الكبير ويتعاظم بعظم تلك الامانة الموكلة اليهم من قبل الرب سبحانه وتعالى ومن قبل الحاكم حفظه الله ورعاه وتساؤلي هو: أرى الكثير منكم حفظكم الله اتجه بعلمه ومعرفته وسلطته باتجاه أمور شرعية خلافية قد اشبعت بحثاً وتحقيقاً من قبل علماء قبلكم قد يكونون اكثر علماً واعمق فكراً وقد ورثنا ذلك من خلال ما تركوه لنا من نواتج العلوم وما زلنا نتشرب تلك العلوم ونتدارسها بين أيادينا. وأرى البعض منكم حفظكم الله قد اتجه باتجاه تبادل الاتهامات وإطلاق العبارات التي لا تليق بقاماتكم العلمية ولا تدخل ضمن أدب الحوار الذي اتخذته دولتنا منهجاً حديثاً وقامت عليه شريعتنا ضمن منهج الاجتهاد الممتد حتى يوم القيامة والذي أقر أن من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر. وفي مقابل ذلك نراكم قد تجاهلتهم قضايانا الاكثر اهمية والاكثر اثراً على حياة أمتنا كقضايا محاربة الارهاب الفكري والتفجيري وقضايا الفساد الاداري والمالي والتي اصبحت تنخر جسد أمتنا وتحد من مسيرتها التنموية، تلك القضايا التي اصبحت الشغل الشاغل لخادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة فأين دوركم أيها الاحبه من ذلك؟ نعلم ان البعض منكم يقوم بهذا الدور لكننا نتأمل ان نرى سياسة ذات ابعاد استراتيجية وذات برامج ميدانية تحارب ذلك الداء العضال امام القضايا الخلافية التي اسبغتموها جل اهتمامكم كالاختلاط والغناء وقيادة المرأة للسيارة والرضاعة للكبير وما شابه ذلك من تلك القضايا الفقهية الخلافية فاتركوا لها الجزء اليسير من وقتكم الثمين جداً، فالمواطن ينظر اليكم نظرة مسؤولية حيال محاربة مثل تلك القضايا الكبرى التي بدأ داؤها يستشري وبدأ الكثير من أخوانكم وأبنائكم وبناتكم يقطفون ثمارها المرة.فكم نتمنى ان نرى في القريب العاجل الكثير من البرامج الكبرى التوعوية والمؤسسية لمحاربة كافة الوان الفساد الاداري والمالي والارهابي بشتى صوره والله تعالى من وراء القصد.