«من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» كنا نحدث العوام بمضمون وفقه هذا الحديث ونحرص على غرس قيمة تربوية نحقق من خلالها شراكة اجتماعية مليئة بالمحبة والصفاء، بعيدًا عن خصوصيات الناس المستترة بلباس العفة والطهر وحسن الظن، والمرء عندما يزج بنفسه في أعماق وأسرار البشر فأول لهيب هذا التطفل على موائد الناس يجني ثماره القبيحة أمثال أولئك الأغبياء. إنها صفة ملازمة لشخصياتهم فلا تراهم إلا يزجون بأنوفهم في مداخل ومخارج ليسوا أهلًا لها، وعندما يزداد الحرج يزداد الطلب لرفع ما أحرجوا فيه، وهكذا يتحول هذا الشخص من الاتزان وروعة الأدب إلى الطيش وقلة الحياء والأدب حتى يصبح رمزًا يشار إليه بالبنان، ويذكر في المجالس تحذيرًا منه وتقبيحًا لفعله. إذا كان العوام مطالبون بقيمة هذا الحديث التربوي فأولى الناس منهم من طلب علمًا وحصل فهمًا وما استوفى كمال ما علم وفقه ما أصل أليس من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه؟ بلى والله، فما بال البعض تتطاول أعناقهم إلى القمم وليس لهم مدخل إلا حسن ما طلبوا من العلم ليجعلوه قضية للأهواء والنزوات والرغبات. أقول هذا الكلام وأنا أتصفح ما يأصله البعض حول مسائل الاحتلاب والرضاع والغناء والاختلاط ويزداد البلاء عندما يلج الرمز بخطابه ويشد من بيانه ويسند آراءه ويقوي حججه وبرهانه لتتناغم قوة الطرح مع الرمز وإلا لن يصبح ذو جدوى مؤثرة تماما الموقف ما بين حماقة الجاهل العامي المتطفل على موائد الناس وأسرارهم، وما بين طالب علم لا يفقه علم ما أصله فهو متطفل على موائد العلماء فأصحاب الاختصاص، ولو أن الجميع أخذوا من مشكاة النبوة: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، وأهمها قضايا الشرع وباب الإفتاء وخصوصيته لأورث الله لهم حسن العاقبة وأقلها سلامة الألسنة في أعراضهم إنها أزمات تمر بالأمة ويزداد شرها عندما أسخر قلمي الشخصي تحت ركام الأوصاف الممنوحة لي لتلقي هذه الرؤيا برواج اجتماعي وإلا الفردية لا تمنح لصاحبها إلا زاوية واحدة لا يراها أحد؛ لأنها لا تتسع إلا لصاحبها وكفى.