أكرمني الأستاذ الفاضل، أسعد دمياطي مدير مستشفى الملك سعود بالرياض بدعوتي لحضور حفل افتتاح اللقاء الطبي الذي بدأ أعماله يوم السبت 15-6-1431ه صباحاً، وهو لقاء طبي بمناسبة اليوم العالمي للرَّبو تحت شعار «أنت تستطيع أن تتحكم في مرضك بنفسك» قدمت فيه بحوث وأوراق أعمال من عدد من الأطباء حول مرض «الربو» والأسلوب الطبي الأمثل للتعامل معه، ومساعدة المصابين به -جمع الله لهم بين الأجر والعافية- للتعامل معه بطريقة طبية سليمة. دعاني أبو إهاب لحضور حفل الافتتاح الذي كان برعاية الدكتور هشام ناظرة مدير عام الشؤون الصحية في منطقة الرياض، وبحضور الدكتور عوض أبو زيد ممثل منظمة الصحة العالمية في المملكة، وعدد من الأطباء ومسؤولي الشركات الراعية لهذا اللقاء. وكان الموضوع المقترح على تقديمه في هذه المناسبة علاقة الأدب بالطب، وهو موضوع أثير لديَّ، فقد قدمته في محاضرة العام المنصرم في كلية الطبّ بجامعة الملك سعود بالرياض، ووجدت له صدىً قويَّاً في صفوف الأطباء، لما فيه من طرافةٍ وجدة في بيان العلاقة الحميمة بين الأدب والطب. كان لقاء اليوم العالمي للربو صباحياً، فقد وصلت إلى مقر المناسبة الساعة الثامنة والنصف صباحاً حيث حظيت بجلسة جميلة مع الدكتور هشام ناظرة، والأستاذ أسعد دمياطي، والدكتور علي الزهراني، وبعض الإخوة المنظمين للقاء، وتبادلنا أطراف الحديث عن الطب وأهمية إلمام المرضى ببعض جوانبه ليحسن تعاملهم مع ما يعاني أحدهم من الأمراض وسمعت من الدكتور «ناظرة» كلاماً جميلاً في أهمية قدرة الطبيب والطبيبة على استخدام أفضل الأساليب والعبارات مع المريض لإقناعه بأن له دوراً كبيراً في نجاح علاجه مما يعاني. بدأ حفل الافتتاح الساعة التاسعة صباحاً بحضور جمع من الأطباء والطبيبات، وفي هذا الحفل تحدثت على مدى ربع ساعة أحاديث مختصرة عن علاقة الطب بالأدب، وبدأت بإلقاء مقطوعات شعرية لابن سيناء الذي نظم معظم آرائه الطبية شعراً، وهو شاعر مقتدر من حيث كتابة الشعر وله قصائد تتضمن تصوير مشاعره نحو الحياة والنفس البشرية وتضم جوانب من آرائه الفلسفية، ونظراته النفسية وتهويماته التصوفية التي نختلف معه في كثير منها إذا قسناها بميزان شرعنا الإسلامي. وأشرت إلى المقولة التي تنسب إلى «أبقراط» وهو «أبو الطب البشري» كما يقول المؤرخون الذي قال: ثلاثة أصناف من البشر لا غنى للدنيا عنهم: الفيلسوف الحكيم لخدمة العقول، والشاعر الخطيب لخدمة القلوب، والنِّطاسي الطبيب لخدمة الأجساد. وذكرت أسماء عددٍ من مشاهير الأطباء الأدباء قديماً وحديثاً، وأنهم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: قسم جمع بين الأدب والطب بمهارة فيهما وبقي على ذلك حتى فارق الحياة، وقسم سيطر عليه الطب فأخذه من الأدب، وقسم سيطر عليه الأدب فأخذه من الطب، وذكرت مقولة الطبيب الأديب الروسي أنطون تشيخوف وهو ممن سرقه الأدب من الطب: (الطب زوجتي، والأدب عشيقتي). وقلت: ونحن -المسلمين- نصحِّح هذه العبارة فنقول: «الطب زوجتي الأولى، والأدب زوجتي الثانية». وتحدثت عن أهمية الالتفات إلى اللغة العربية الفصحى، والعناية بها، ودعم فكرة تعليم جميع العلوم الطبية وغير الطبية بها، وأشرت إلى أهمية آراء الدكتور زهير السباعي في هذا المجال، فهو يرى بعد تجربته الطويلة مع الطب عملاً وتدريساً أن اعتماد تعليم الطب لأبنائنا وبناتنا بلغتنا العربية مسؤولية كبيرة، وقد أورد في كتيب أصدره في هذا الشأن آراء كثير من العلماء، ونتائج كثير من مراكز البحوث في العالم، تشير إلى وجود فرق كبير في الفهم والاستيعاب «والإبداع» بين الطبيب الذي يتعلم الطب بلغته، والآخر الذي يتعلمه بغير لغته، وذكرت في كلمتي نتيجة مركز البحوث الطبية العالمي الذي أجرى دراسات على عدد من طلاب وطالبات الطب في عدد من الجامعات العربية وغير العربية ومن بينها جامعة الملك فيصل في الأحساء فكانت النتيجة أن تعليم الطب بلغة الطالب الأصلية يزيد في سرعة الفهم 43% وفي القدرة على الاستيعاب 15%، ويتيح المجال للريادة وبناء الشخصية العلمية المستقلة التي تفيد من الآخر ولا تبقى تابعة له عالة عليه. كان لقاء طبياً أدبياً جميلاً، أرجو أن تكون نتائج البحوث والأوراق المقدمة فيه ذات فائدة لمن ابتلي بهذا المرض الذي يشكل المرض الثاني من حيث الانتشار والأهمية الطبية في المملكة حسب قول الدكتور هشام ناظرة. تحية للأستاذ الكريم أسعد دمياطي على جهوده البارزة في هذا اللقاء الطبي «الأدبي» وأرجو أن يكلل الله هذه الجهود بالنجاح. إشارة صعدت إليك من المحلِّ الأَرْفع = ورقاء ذات تعزُّزٍ وتمنُّعِ