لم يعد المال السايب وحده يعلم السرقة، بل أضحى كل مايقع تحت النظر معرضا للسرقة، فالكابلات الكهربائية وصناديق واصل الحديدية وأغطية شبكات الصرف الصحي ليست أموالا سائبة، ولكنها تسرق في وضح النهار، والسيارات المغلقة والمركونة بجوار منازل أصحابها ليست مالا سائبا ومع ذلك تكسر وتسرق بطرق احترافية، وحقائب السيدات المتدلية من أكتافهن في الأسواق والأماكن العامة ليست أموالا سائبة، وهي أيضا لاتسلم في أوقات الذروة أو في الأماكن المزدحمة من النشل والخطف المروع!. إذن يفترض بنا أن نعترف أولا بهذه التجاوزات والانتهاكات الصارخة لحرمة الأمن .. ومن ثم يفترض أيضا أن تقوم الجهات الأمنية بتشديد العقوبات ضد هؤلاء المجرمين سواء كانوا مواطنين أو وافدين، وذلك بالتشهير أولا والسجن والغرامة ثانيا وعاشرا. والراصد لهكذا جرائم، ومن خلال ماتنشره الصحف الورقية والإلكترونية، يلحظ أن بعض العمالة الوافدة وخصوصا التي تقيم بطريقة غير نظامية هي المحرك الأول لمثل هذه الأفعال التي تخل بالأمن وتفقد المواطن والمقيم ثقته بالجهات الأمنية. ومازال موسم العمرة والحج يخلف الكثير من هذه الأعداد التي تتمركز في الأحياء العشوائية بمدينتي جدة ومكة المكرمة، ولكن اللافت مؤخرا ظهور أعداد كبيرة جديدة تأتي من منافذ أخرى وبالأخص من المنطقة الجنوبية وتنتشر بشكل كبير في الأودية السحيقة والجبال الوعرة التي يصعب الوصول إليها من قبل رجال الأمن العام. وتشكل هذه العصابات الأفريقية تكتلات كبيرة تحتل مواقع معينة بعيدة عن أعين الرقيب، وتعمل في الرعي والزراعة، تصنع الخمور بطريقة بدائية قذرة، وقد تتاجر في أي مجال، فلا قانون يردعها ولا نظام يعاقبها، وعندما تفتقد هذه العصابات لوسائل الكسب سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة فإنها تلجأ للسرقات والسلب والنهب وقطع الطرق!. هذه ليست أفلاما من أدغال أفريقيا بل مشاهدات مواطنين نقلوا كل هذه التفاصيل من خلال إقاماتهم أو مرورهم بهذه المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية من بلادنا. على حد علمي .. إن مركز شرطة صغيرا في قرية صغيرة لن يستطيع أن يجابه كل هذه الأعداد التي قد تقاوم وتقاتل من أجل البقاء والاستمرار. وعلى حد حلمي .. إن تنظيم حملات أمنية على مستوى عال من الدعم اللوجستي والدفاعي لتمشيط هذه الجبال وتلك الأودية سيخفف على أقل تقدير من تكاثر هذه العصابات، إن لم يقض عليها تماما .. ويكفي .