الصباح يبعث على الارتياح ويشعر من يرافقه قبيل خروج الشمس من مخدعها كل يوم أنه يجمع بقايا الليل وبدايات النهار في مشهد يوحي بالتكامل بين معالم الحياة. فجأة يخرجك من هذا المشهد العجيب صوت مذيعة «مونت كارلو» تتحدث عما ينفقه العرب على السحر والشعوذة ومعدل العرافين إلى العرب، مستشهدة في بعض ما تذكره بما ورد على الجزيرة أون لاين من دراسات وغيرها من المصادر. ثم تجد أنك تقرأ بعد أن استقرت الشمس في مسيرتها وأخذت كامل زينتها كلاما للدكتور «فهد السنيدي» من محاضرة له في نجران عن الموضوع نفسه وهو أستاذ المذاهب المعاصرة في جامعة الملك سعود مضيفا جراحا أخرى على ما أوردته المذيعة من جراح. يصرف العرب سنويا خمسة بلايين دولار على السحر والشعوذة، ويوجد ساحر أو مشعوذ لكل ألف عربي، كما أن (55 %) من المترددات على هؤلاء إما مثقفات أو يقرأن ويكتبن. ما الفرق بين الساحر والمشعوذ؟ وهل الراقون من هؤلاء؟ وهل يحتاجون إلى رخص ويفتحون عيادات؟ أم أنهم يمارسون أعمالهم في الظلام وبعيدا عن العيون وعن الرخص؟ الحديث عن البلايين الخمسة من الدولارات وعن أكثر من ربع مليون مشعوذ وعن النساء المترددات عليهم هو حديث عن مظهر من مظاهر التخلف والجمود في أمة الوحي والرسالة، وكان أولى بالدعاة أن ينصرفوا إلى تبصير الناس بخطر هؤلاء على دينهم وأموالهم وأبدانهم وعقولهم. في حياة كل إنسان قلق وخوف وتردد وحيرة واكتئاب ويحتاج ذلك كله إلى علاج وهو مشروع، وإلى رقية وهي مشروعة، لكن التداوي بالحرام غير مشروع، والسحر من الكبائر، كما أن المتاجرة بالرقية بادعاء الصلاح حرام. أن يرقى الإنسان نفسه أو أحد أفراد أسرته أو صديقه أو الأسرة بعضهم بعضا فذاك أمر جميل بل ويبعث على التلاحم والتراحم، لكن أن تصبح الرقية تجارة بعيدا عن العيون فذاك الوباء.