من المفارقات العجيبة موقف رواه الدكتور محمد الرشيد في أحد مقالاته المتميزة بصحيفة (الرياض) منذ أسبوعين، إذ قال إنه بعد أن غادر وزارة التربية والتعليم ، التقى في مناسبة اجتماعية بأحد الذين كانوا من أشد المعارضين لتعليم اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية، فسأله الدكتور لماذا عارضت آنذاك ولم تعترض الآن على السماح للمدارس الأجنبية بتدريس جميع المواد باللغة الإنجليزية؟ فغمغم الرجل ولم يقدم إجابة مقنعة. هذه الحادثة ذكرتني بمعركة الإنجليزية التي انتهت بأن تم إقرارها للصف السادس الابتدائي فقط، ولا أعرف مبررا مقنعا لذلك سوى الرفض من أجل الرفض بحجج واهية. الآن أتصور أن النفوس هدأت وبعض القناعات تغيرت وبعض المخاوف أيضا تبددت، لذا فإن المأمول من وزارة التربية والتعليم المسارعة إلى إعادة النظر في موضوع تدريس الإنجليزية في المرحلة الابتدائية وتعميمها على المرحلة كلها ابتداء من الصف الأول للبنين والبنات. إنني لا أظن أحدا يستطيع أن يجادل في أهمية تدريس هذه اللغة منذ الصغر فهي شئنا أم أبينا لغة العصر، كما لم يثبت لا تربويا ولا تعليميا أي خطورة لها على اللغة الأم ، بل إن تعلمها منذ البداية قد يكون حافزا ودافعا لإجادة اللغتين في وقت واحد. لقد كان يمكن لوزارة التربية إقرار تدريسها منذ عقد تقريبا وهي كانت تستعد لذلك حتى إنها تعاقدت مع معلمين لها فيما أتذكر، لكن موقف البعض من الوزارة وليس من المشروع ذاته أفشل العملية، وضاع عقد من عمر الزمن بسبب هذه الغمغمة. الآن أعتقد أنه يمكن تدارك ما فات، فالوزارة بصدد تطوير شامل، والمسؤولون فيها موضع ثقة ووعي وهم يدركون أهمية تدريس هذه اللغة ويعلمون كما يعلم الجميع أن العلم في الصغر كالنقش في الحجر، ولا داعي لإضاعة سنوات أخرى من عمر النشء الذين نعدهم لزمن غير زمننا، وإذا كان من لا يعرف هذه اللغة اليوم يشعر بنقص في تعليمه فماذا سيكون حال الأجيال الجديدة لو فاتتها الفرصة كما فاتت السابقين؟.