جفت الأقلام وبحت الأصوات ونحن نكتب وننادي بتصحيح الأوضاع الصحية التي تعاني منها معظم قطاعات وزارة الصحة، كم نادينا بتولي الأكفاء وليس الأعرف في إدارة القطاعات، فالأكفاء قادر على ايجاد الحلول ورسم خطط التطوير، والأعرف يتوقف جلّ جهده عند حدود معرفته، وهكذا واقع حال الصحة، سيما في منطقة مكةالمكرمة وبالذات جدة بحكم أن (من عايش ليس كم سمع) وأنه الأقدر على تحمل مسؤلية ما يطرح، وبحكم أن المشاكل الإدارية والصحية اخذت تشكل ظاهرة ملموسة في جدة بالذات، ومساحة المقالة لاتسمح بسردها. بالأمس وأنا اتابع بإحدى الصحف المحلية تعقيب مدير مستشفى الأمل بجدة على احد موظفي المستشفى الذي أرجع فيه الموظف أسباب هروب المدمنين من المستشفى في الفترة الأخيرة، إلى الضغوطات النفسية والاجتماعية للنزلاء، إضافة إلى سوء الإعاشة والتغذية، حيث لخص سعادته في تعقيبه الهروب إلى تراجع البرنامج العلاجي الذي قدم للنزلاء من قبل الإدارة السابقة، ولا أدري هنا من سبب تحميل الإدارة السابقة سلبيات الواقع الحالي وسعادته مدير للمستشفى منذ أكثر من عام ونصف، وفيما أعتقد انه المدير الطبي من قبل تولي الإدارة السابقة التي لا اعفيها من التقصير، مما يعني ان المدير الحالي عايش أكثر من إدارة وفي مركز قيادي هو الأهم حيث يرتكز حول العلاج وهو بيت القصيد في هذه المنشأة العامة، ثم الأدهي والأمر هل هولاء النزلاء لهم أكثر من سنة ونصف ولم يستفيدو من العلاج؟! فالطامة أكبر، أم هم مرضى جدد في عهد إدارته؟ مما يعني اعترافا خطيرا بأن سعادته مساهم حقيقي في الفشل على مرحلتين مرحلة كان فيها في المدير الطبي وأخرى هو على رأس هرم الإدارة أي بمعنى آخر (كاد المريب ان يقول خذوني) وهذه جرأة ربما جاءت بمحض الصدفة لتكشف واقعا مريرا لقطاع مهم من قطاعات وزراة الصحة، ومن القطاعات المدعومة بميزانيات مفتوحة، صرف أكثرها على برامج لم يلمس لها المتابع إيجابيات تذكر، ولا أدل على ذلك من اعترافات سعادة مدير المستشفى، والذي واصل في سرد المآسي حيث أشارإلى تقاعس الموظفين عن أداء واجبهم والحالة النفسية للمرضى خلال فترة العلاج. مؤكدا بأن تقاعس بعض العاملين في المستشفى عن أداء واجباتهم تجاه المرضى خلق بعض السلوك لدى المدمنين، وهو ما يعتبر خطأ في حق المريض، ولا ندري ما هي مهام المدير إذا هذا الحال الذي يرثى له هو واقع مستشفى الأمل والذي كشفه هروب نزلائه بكل سهولة، ثم وقع سعادته في تناقض فاضح حينما أشار إلى أن المرضى يخضعون للعلاج من خلال برنامج العلاج الشمولي وهو من أفضل البرامج في العالم، يبدأ بالسيطرة على دوافع الرغبة على التعاطي ويبقي دوافع الحصول على العلاج مرتفعة، وبين أن المستشفى يقدم أفضل الوجبات الغذائية للمريض، في ظل وجود متخصصين واستشاريين نفسيين واجتماعيين مؤهلين قادرين على التعامل مع المدمنين. ولا أجد عذرا لهذا التناقض سوى أن الحال في هذه المستشفى يسير من سيئ إلى أسوأ رغم ما وفرته الدولة من إمكانيات مادية وفنية وبشرية مهولة، وتعد رواتب العاملين بهذا المستشفى ممن يعينون مباشرة عن طريق الإدارة عالية جدا إذا ما قورنت بالمستشفيات الأخرى وبالذات الوافدين.. إن حال مستشفى الأمل بجدة وحال مستشفيات جدة بشكل عام يدعو فعلا للشفقة، نتائج لا ترضي طموحات ولاة الأمر حفظهم الله، وكل يوم جدة لها موعد مع مشكلة كل واحدة منها تقزم ما قبلها.. هذا والله المستعان..