قلد الملك عبدالله الدكتورة خولة الكريع كبيرة علماء السرطان بمستشفى الملك فيصل التخصصي وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى نظير تحقيقها عدة إنجازات بحثية في ميدان تخصصها. والكريع ليست الوحيدة فهناك علماء سعوديون كثر منهم من تم تكريمه ومنهم من هو في الطريق إلى التكريم بفضل جهودهم في ميادين العلوم التطبيقية المتقدمة، وهؤلاء يمثلون خطوات مضيئة على طريق العلم الطويل الذي سبقتنا إليه شعوب أعطت هذا الجانب حقه من الاهتمام والتشجيع المادي والمعنوي حتى أصبح أبناؤها وبناتها يحصدون سنويا أرقى الجوائز العالمية في ميادين الطب والعلوم، ومنها جائزة نوبل وجائزة الملك فيصل العالمية اللتان تأتيان سنويا لتتويج جهود هؤلاء العلماء دونما توقع منهم أو انتظار. نحن الآن نسير على الطريق وما زلنا في بدايته لكن من سار على الدرب وصل، ولعل ما يحدث في معامل أبحاثنا، مقرونا بتشجيع الدولة واهتمامها، وما تبشر به جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا يمنحنا أملا أكبر في أن نرى أبناء وبنات الوطن على منصات التتويج العالمية متوشحين بجوائز العلماء الكبيرة في الرياض وفي أستوكهولم وفي غيرهما. جائزة الملك فيصل في كل عام تذكرنا بأمرين مهمين: أولهما دقة ونزاهة الجائزة التي نال كثير من الفائزين بها جائزة نوبل العالمية فيما بعد، وثانيهما كشفها المستمر بطريقة غير مباشرة عن تخلف العرب والمسلمين في ميداني الطب والعلوم إذ إن الفائزين في هذين الحقلين هم دائما من علماء الغرب إلا ما ندر من عرب يحملون الجنسية الغربية وخرجوا من معامل أبحاثه وجامعاته، بل إن حتى العرب التواقين إلى جائزة نوبل لا تخرج اهتماماتهم عن دائرة الفنون الأدبية من شعر ورواية ونحوها اقتداء بالأستاذ نجيب محفوظ بينما لا أحد يقتدي بالعالم أحمد زويل، والسبب واضح فإمكانات إنتاج أمثال محفوظ متاحة وممكنة بينما إمكانات إنتاج أمثال زويل غير موجودة. إن الفوز بجائزة الملك فيصل العالمية أو نوبل ليس مفخرة للفائز بها فحسب بل للجامعة التي تخرج منها وللوطن الذي هيأ الجامعة وشجع خريجيها وعلماءها، وبلدان العالم المتقدم وجامعاته الكبرى تفاخر بأعداد أبنائها وبناتها الحاصلين على هاتين الجائزتين العالميتين، اللتين تشيران إلى مستوى حضاري وعلمي مرموق، ولهذا فإن تكريم العلماء والباحثين السعوديين، وتأسيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا، يضع بلادنا على الطريق الصحيح نحو ذلك المستوى الحضاري والعلمي، الذي يجعلنا جديرين بأن نأمل أن نرى سعوديين وسعوديات خلال زمن وجيز من بين الفائزين بجوائز الطب والعلوم، وهذا ليس تقليلا من شأن الفروع الأخرى، فهي مهمة، لكن هناك فرقا بين ما يعبر عن جهود وجلد أفراد وبين ما يعبر عن تقدم وتحضر وطن وأمة.