بعد جولة جوية لأعضاء لجنة تقصي الحقائق في كارثة السيول بجدة قال الشيخ الدكتور صالح آل علي رئيس هيئة الرقابة والتحقيق وعضو اللجنة: \"إن الكارثة جاءت نتيجة لتراكمات من التقصير والتراخي\"، وما قاله الشيخ آل علي حقيقة يعرفها الجميع، والأمر الملكي الكريم بتشكيل لجنة تقصي الحقائق يؤكد هذا المفهوم الذي بسببه تم تشكيل اللجنة التي ستتولى التحقيق في هذا التقصير والتراخي المتراكم. هذا أمر معروف ولا جديد فيه، ووسائل الإعلام تكرره يومياً، والمعلومات عن الخسائر والأضرار مازالت تتصاعد يوماً بعد آخر، والمخاوف تتزايد من تكرار الكارثة في حال هطول أمطار مماثلة أو انفجار بحيرة المجاري – لا قدر الله – كل هذا معروف ولا جديد فيه، لكن المهندس فيصل الشاولي مدير عام الطرق بأمانة جدة وسكرتير لجنة الأمطار – سامحه الله – قال لصحيفة عكاظ يوم الثلاثاء الماضي \"إن ما حدث في جدة أمر طبيعي قياساً إلى كمية الأمطار\" داعياً المتضررين من كارثة السيول إلى الصبر والاحتساب، وقد أوقعني كلامه هذا في حيرة، فهل يقصد أن الكارثة \"أمر طبيعي\" بينما الكل يقولون إنها غير طبيعية وأنه لولا \"التقصير والتراخي المتراكم\" لما حدثت بهذا المستوى، أم أنه يقصد أن التقصير والتراخي المتراكم أمر طبيعي؟ فإن كان المهندس يقصد الأولى فكيف يفسر أن بلدانا أقل إمكانات من بلادنا وتستقبل كميات أكبر من الأمطار ولا تحدث فيها كوارث كالتي شهدتها جدة؟ وإن كان يقصد الثانية فإن دعوته للصبر والاحتساب مبررة، لأنه يعتقد أن التقصير والتراخي قدر لا مناص منه. إنني أرجو من المهندس شاولي أن يوضح مقصده لأن كلمة \"طبيعي\" التي قالها ذات مدلولات هامة وكبيرة تمكنت من إبراء مدلولين لها أعلاه، وقد تصل لجنة تقصي الحقائق إلى مدلولات أخرى مهمة، ولا سبيل للخروج من متاهة الدلالات سوى توضيح قاطع من المهندس شاولي.