هناك من لا يستمع لشباب اليوم .. يرفضون أيضا أن يستمعوا .. لديهم وصفات مجهزة لكل الشباب .. وفي مختلف الميادين والتخصصات .. وأيضا التفكير .. قوم لا يرون إلا أنفسهم .. يتشدقون بانجازاتهم ، وهي نتاج غيرهم .. ويتشدقون أيضا بمعاناتهم وهي حبكة جهل.. يدعون النجاح وينسبونه إلى نفوسهم التواقة العظيمة كما يؤكدون .. يتجاهلون حقيقة أن نجاحهم جزء من إمكانيات دولة .. يطلبون من الشباب تجرع تنظيرهم ، والاستماع إليهم دون نقاش .. دون احتجاج .. دون مشاكسة .. دون اعتراض .. أو حتى طرح سؤال .. الكلمات السحرية التي ترضي هؤلاء .. كلمات لا تخرج عن منظومة : (سم) .. (ابشر) .. (إنشاء الله) .. (يسير) .. الخ .. هكذا يصبح الشباب أطفالا في روضة جاهلة .. الحياة عندها تخمين .. حتى العلماء في الجامعات عندهم منظرون لا يفهمون .. تسود الصور القاتمة في غياب الخطط التي تهتم وتنير .. الخطط التي تهتم بالشباب ومستقبلهم .. حتى خطط التنمية لا تتعرض للعقل .. لكنها تتجنبه .. ولا نعرف السبب؟! .. هذا مشهد ورد لكاتبكم من الشاب (موسى) .. يروي قصته خارج المريخ .. الذي يعيش فيه البعض .. يحملون الشباب كل المصائب والتقصير .. كلام شاب يعاني .. يقول : [الله يعطيك العافية على مقالك بخصوص (نزيف أم تزييف اختراع مستقبلنا) .. ودي لو شملت بكلامك خريجي التقنيات .. وأنا منهم .. حاسب آلي .. ومعدل (3.93) من (5) .. أما نستحق أن تُسمع كلماتنا؟! .. وإذا تكلمنا.. لمن المشتكى ، بعد الله عز وجل .. مرتبات لا تذكر] .. هذا جزء من كلام رسالة وصلت إلى كاتبكم .. كلام شاب خريج كلية التقنية .. كما ترون ، كلام يتعارض مع نصائح وتوجهات هذا البعض .. يقول (موسى) : [مرتبات لا تذكر] .. هل هذا ما تسعون إلى تحقيقه؟! .. لا أريد أن أبحر بالكلام في مجال المرتبات المتدنية التي ينادي البعض بفرضها على الشباب .. وأيضا يطالبون الشباب بضرورة قبولها .. متجاهلين الأوضاع المعيشية .. والسكنية .. الملتهبة الأسعار .. هذا أمر لا يخص هذا البعض .. الذي يخصهم هو إذلال الشباب بهذه الرواتب التي لا توفر الحياة الكريمة في ظل الظروف السائدة .. لماذا وأد صوت الشباب وتجاهل رأيهم؟! .. التجاهل مؤشر تخلف، وجهل ، وعمى بصر وبصيرة .. لماذا نفرض على الشباب أشياء دون خلق بدائل مناسبة .. تجارب البعض لم تعد صالحة للعصر .. أصبحت الحياة سريعة الإيقاع ، ومتغيرة .. العالم يتغير بسرعات تفوق استيعاب هذا البعض الذي لا يعرف إلا نفسه .. في ما مضى كان إيقاع الحياة لا يتغير لأجيال .. عندها تصبح الأجيال الكبيرة والسابقة مصدر الحكمة .. اليوم هي مصدر التخلف والانحطاط الحضاري.. لأنها لا تستوعب التغيير .. حتى وان كانت تحمل أعلى الشهادات .. يدعون الشباب بوسائل مختلفة إلى العودة من الحاضر إلى الماضي .. متجاهلين المستقبل .. يرونه تشاؤما بلا هوية .. وهذا الشاب (موسى) يقدم معاناته مع الطموح .. الذي شيدوا حاجزا أمام تحقيقه .. حتى الطموحات يتم وأدها .. وقد كانت أبوابها مشرعة للشباب الذي مضى .. انظروا ماذا يقول (موسى) : [من يوم قريت مقالتك (نزيف أم تزييف اختراع مستقبلنا) استبشرت خير .. بمن يوصل معاناة الطلاب من المؤسسة العامة للتعليم الفني .. لا هم فتحوا المجال لتكملة البكالوريوس .. ولا هم أحالونا لديوان الخدمة الفاشل بكل كلمة .. والله إن التعبير يخوني .. لكن اترك الكلام لك سيدي .. لكي تواصلها بأسلوبك الراقي .. صف فيها المتاعب التي تواجهنا .. المعذرة إن زلت كلمة مني] .. الصورة واضحة .. هكذا يجبرون الشباب المؤدب على قول ما لا يحب قوله .. أي أدب جم يتمتع به هؤلاء الشباب؟! .. يقول : المعذرة إن زلت كلمة مني .. يتوقف عن سرد حكايته مدعيا أن التعبير يخونه .. الحقيقة انه يستحي من التعبير عن معاناته التي تسبب غياب التخطيط في ظهورها عقبة في وجه الشباب .. سيستمر الأمر طالما كان هناك (غياب) للتخطيط والبرامج والدراسات العلمية .. مع الغياب ساد الاجتهاد العشوائي في كل زاوية من زوايا الحياة .. مع (الغياب) أصبحوا يرون غسيل السيارات للشباب الجامعي لا يشكل عيبا .. بل ويشجعون الشباب على ممارسته كمهنة .. تناسوا أن للأمة كرامة ومستقبلا .. ويستمر المقال.